فيديو مرعب جدا!
ما شاهده الأردنيون أول من أمس على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لفيديو يظهر أفرادا من الأمن الجنائي يعتدون بوحشية غير مبررة ولا مفهومة على أشخاص في مقهى، مؤلم ومرعب ومقلق جداً!
مدير الأمن العام قرّر احتجاز الأفراد المعنيين من الأمن الجنائي وتشكيل لجنة للتحقيق في الموضوع، وفق مصدر قام بالتصريح لوسائل الإعلام، لكن التفسير الأولي للحادثة غير مقنع، ويحاول التمويه والتعتيم على حقيقة ما جرى، بإحالة سلوكهم إلى حدوث عنف في المكان، وهو كمن يريد أن يغطي الشمس بغربال، لأنّ مشاهدة الفيديو تظهر بوضوح شديد عدم وجود أي درجة من درجات المقاومة أو الاعتراض من قبل الموجودين، الذين لم يدركوا أصلاً ما الذي حصل، وكيف دخل رجال الأمن؟ أو فيم إذا كانوا رجال أمن أصلاً!
أحد هؤلاء الأشخاص دكتور جامعي، من مدينة الرمثا، في منتصف العقد السابع من عمره، ما أدى إلى احتجاجات شديدة في مدينة الرمثا على طريقة التعامل معه، وعلى نشر الفيديو والتشهير به على مواقع التواصل الاجتماعي!
المرعب والمقلق في هذه الحادثة أنّها تأتي من رجال أمن يفترض أنّهم المسؤولون عن تطبيق القانون وحماية المواطنين، ونحن نتحدث اليوم عن سيادة القانون على الجميع، ثم نشاهد الفيديو الذي يشوّه صورة رجال الأمن قبل غيرهم، ويسيء للدولة ولصورتها وسمعتها!
المرعب والقلق أيضاً أنّها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن تجاوزات من رجال الأمن بحق مواطنين، وهي ممارسات وسلوكيات كان من المفترض أنّنا تجاوزناها وألا تقع في بلادنا، ولا يمكن الصمت عليها أو القفز عنها وكأنّها غير موجودة!
تشكيل لجنة تحقيف داخل الأمن لن يكون مطمئناً ولا مقبولاً بالنسبة للرأي العام، بخاصة أنّ هنالك سمعة سيئة وخبرة غير مشجّعة مع لجان التحقيق لدى الأردنيين، فالمطلوب وجود جهات أخرى من الدولة، كوزارة العدل تطّلع على سير التحقيق.
من الضروري أن يدرك المسؤولون الأمنيون في البلاد أنّ مثل هذا الفيديو يسيء للأجهزة وسمعتها بصورة عامة، وما قام به أولئك الأفراد هم المتضرر الأكبر منه، وباقي أفراد الأجهزة الأمنية، والغالبية العظمى منهم الذين نحتك معهم في الحياة اليومية هم على درجة عالية من التحضر والرقي والانفتاح، وبعيداً عن السلوك الهمجي الذي شاهدناه في هذا الفيديو.
صحيح أنّ مثل هذه الممارسات، من قبل بعض رجال الأمن، موجودة في كل دول العالم، وحتى في دول متحضرة، لكن ما هو أصحّ أكثر أنّ ذلك ليس مبرراً لعدم وجود تحقيق شفاف وموضوعي، ولمحاصرة هذه السلوكيات ومنعها من الانتشار، عبر التحقيق ومعاقبة المسيئين.
من الضروري ألا نسمح لفئة قليلة أن تسيء لصورة الأجهزة الأمنية وللدور العظيم الذي تقوم به ولصورة الوطن، وللمعايير الحضارية التي تتعامل بها تلك الأجهزة مع المواطنين، مقارنةً بكثير من الدول العربية، فحماية سمعة الأجهزة وصورتها والتأكيد على نزاهة التحقيق وعلى أنّها الحارس الأمين للقانون كل ذلك سينتهي في النهاية في قناة الثقة بين المواطن والدولة وتقوية الدولة من خلال صورتها كدولة قانون ومواطنة وحقوق إنسان.
الغد 2017-10-06