الاستيطان وحل الدولتين
نعم، لايحتاج المرء للكثير من التفكير لمعرفة أن موجة الاستيطان الجديدة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين تهدف إلى تدمير حل الدولتين الذي أقرته الشرعية الدولية لحل القضية الفلسطينية.
وطبعا، فليس هذا الهدف محصورا بهذه الموجة الجديدة، فالاستيطان لم ينقطع ولا في أي مرحلة، ولم تخفت حدته في أي يوم فهو متواصل، مهما كانت قرارات الشرعية الدولية، ومهما علت اصوات العالم لرفضه ولإدانته.
إسرائيل تعي تماما أن هذه الأصوات المرتفعة ضد الاستيطان لن تستطيع وقف حركته ولا الحد منها، لأنها أصوات فقط، ولا فعل يليها. فمهما كانت حدة الإدانة الدولية للاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، لن تثني كيان الاحتلال الغاصب عن حركته الاستيطانية، لأنها إدانة دون فعل حقيقي على الأرض يجبر اسرائيل على وقف إجراءاتها العدوانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولأن كيان الاحتلال لايجد من يوقفه عند حده، فقد أعلن مؤخرا عن قراره ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. ولم يلتفت لأي أصوات معارضة أو مستنكرة.
وتلا هذا القرار، موجة تصريحات لمسؤولين اسرائيليين منهم رئيس حزب العمل الإسرائيلي آفي غباي، ووزير الحرب الإسرائيلي السابق موشيه يعلون مؤيدة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة، فالأول أعلن رفضه لاخلاء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. أما الثاني، فقد أعلن أن السلام مع الفلسطينيين وهم، وأن الضفة الغربية المحتلة تتسع لمليوني مستوطن جديد.
ولايمكن تجاهل المؤتمر المشبوه الذي عقدته عصابات الاستيطان في القدس المحتلة مؤخرا تحت عنوان "الأردن الوطن البديل للفلسطينيين". فهذا المؤتمر جزء من الحراك الاسرائيلي الحقيقي لنسف عملية السلام. فالمؤتمر يؤكد أن الحل ليس بدولتين، وانما بتهجير قسري للفلسطينيين من ارضهم.
إن هذه الاجراءات الاستيطانية والتصريحات التي تؤيد تكثيف الاستيطان، تأتي في سياق تكريس الأمر الواقع الإسرائيلي، وإجهاض أي عملية للسلام على أساس حل الدولتين. وهذه النتيجة لاتحتاج للكثير من التفكير للوصول اليها، فهي واضحة ومعلنة من قبل الاحتلال ومسؤوليه.
ولكن، هذه النتيجة تحتاج إلى فعل حقيقي رافض من قبل المتضررين من هذه السياسة.. فهنا لاتكفي الادانات والاستنكارات، وإنما يجب أن تكون هناك جهود حقيقية تتوج باجراءات على الارض تجبر كيان الاحتلال الإسرائيلي على وقف اجراءاته الاستيطانية.
يبدو، واضحا من الإجراءات الإسرائيلية الاخيرة، أن الاحتلال حصل على الضوء الاخضر من واشنطن للسير قدما بمخططاته الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا الأمر، يجب أن يكون واضحا للجميع، فواشنطن لن تضغط على الاحتلال لوقف الاستيطان، أو الدخول في مفاوضات جادة مع الفلسطينيين، بل هي تشجعه على المضي قدما لنسف حل الدولتين من خلال سكوتها الرسمي وتأييدها الضمني للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
الغد 2017-10-24