اعتذار بعد أوانه !!!
الاشد وقعا على النفس من الظلم هو العدالة حين تتباطأ؛ لأنها عندئذ تتواطأ، ولا قيمة لها اذا اتت بعد فوات الاوان وهلاك الضحية، وما يشبه ذلك الى حدّ بعيد هو اعادة الاعتبار الى الانسان سواء كان مفكرا او مُصلحا او رائدا في اي ميدان بعد انقضاء الامر؛ لأنه عندئذ يشعر بألم يفوق المه وهو يعاني من الانكار والعقوق وربما لهذا السبب اعتذر برنارد شو عن قبول جائزة نوبل بعد ان بلغ ذروة الشيخوخة.
اعادة الاعتبار هي بحد ذاتها اعتراف صريح بأن هناك اعتبارا سُلب من الانسان، وانه عومل على طريقة سنمّار رغم انه لا يملك السر الذي امتلكه سنمار وهو الآجرة التي اذا نزعت من المدماك الذي تقع فيه، انهار القصر على من فيه وما فيه!.
والمثل الشعبي القائل فوق حقه دقّه، ينطبق وبجدارة على تعاملنا مع اناس رأوا ما لم نستطع رؤيته، ودقوا اجراس الخطر محذرين مما وقعنا فيه ، واعادة الاعتبار الى عالم او رائد ما كمدا لا تعيده الى الحياة سواء كان من طراز غاليليو وبرنو اللذين قالا بدوران الارض او من طراز الكواكبي الذي مات مسموما؛ لأنه افتضح الفساد والاستبداد امام كل العباد!.
فإلى متى سنظل نصلب من يرون ابعد مما نرى ثم نعتذر لاحفادهم ؟ ولو شئت تقديم قائمة باسماء من علمونا الرماية ورميناهم وعلمونا القوافي وهجوناهم لما انتهيت؛ فتاريخنا وكذلك مقابرنا تعج بهؤلاء المغدورين، ويكفي ان نتذكر مصائر رواد النهضة العربية في القرن التاسع عشر فهم بين مطارد من الباب العالي الى مسموم الى منسيّ يعرف الناس انه مات من رائحة جسده التي تتسرب من شقوق الابواب والنوافذ!
ان ديّة العالم او الرائد المغدور ليست اعتذارا الى ورثته او باقة ورد ذابلة على قبر تحول داخله الى رميم!
شكرا لذلك البريطاني الذي قال ذات يوم: اتمنى ان اعيش بريطانيا واموت عربيا !!!
الدستور 2017-10-24