كوابيس في البيت الأبيض!
كشف الرئيس الأميركي ابراهام لينكولن لزوجته سر قلقه الدائم فقال لها ذات يوم :» منذ دخلت الى البيت الأبيض لا ارى في نومي واحلامي سوى الكوابيس». لمن لا يعرف لينكولن، هو الرئيس الأميركي الذي آمن بالحرية والمساواة والعدالة، وحارب من اجل القضاء على العبودية في المجتمع الأميركي، على عكس الكثيرين من الرؤساء المعاصرين الذين خاضوا حروبا غير عادلة من أجل احتلال بلاد الاخرين لإستعبادهم ونهب ثرواتهم.
قبل قليل، وفي تسجيل مصور متداول على وسائل التواصل الأجتماعي استمعت الى افادة سياسي أميركي لا أعرفه، قد يكون «سناتورا» مهما، قال في حديثه: كنت في البنتاغون في العشرين من ايلول، أي بعد كارثة الأبراج بايام قليلة، فاخبرني احد الجنرالات أن القيادة اتخذت قرارا بغزو العراق!. سألت الجنرال: لماذا ؟ فأجاب: لست أدري!
يضيف المتحدث في اعترافاته: قمت بزيارة الى البنتاغون بعد عدة اسابيع، وكان ذلك مع بداية القصف الأميركي لأفغانستان فسألت الجنرال اذا كان قرار شن الحرب على العراق ما زال قائما، فسحب الجنرال ورقة وقال: الوضع أسوأ، هذه الورقة وصلتني اليوم من الطابق العلوي (مكتب وزير الدفاع) وهي تشرح كيف سنقضي على سبع دول هي العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال وايران!
الثابت ان هذه الورقة لا تزال متداولة في واشنطن، مع وجود المحافظين الجدد بكثرة في الإدارة. بل الوضع اصبح أسوأ، فتهديدات ترمب لكوريا الشمالية وايران، وتعزيز قواته العسكرية في سوريا، وعدم الوضوح في محاربة الإرهاب هي عناصر مقلقة جدا.
لا اعرف اذا كان الرئيس ترمب يرى الكوابيس التي عاشها لينكولن في البيت الأبيض خلال الأزمات، اشك في ذلك لأن لينكولن امتلك يقظة ضمير وحسا انسانيا استثنائيا، مع اعتقادي أنه من الظلم المقارنة أو المقاربة بين الرئيسين، لأن الرئيس ترمب هو «الكابوس» الذي فاز باصوات المتطرفين في اميركا وفي مقدمتهم العنصريون في الجنوب المتشدد، وهم اعداء لينكولن وافكاره ومعتقداته.
هناك الكثير من الخلافات داخل مصنع القرار الأميركي، وارتباك في السياسة الخارجية، ونتيجة لذلك يستمر الخراب والدمار والأرهاب في منطقتنا، وما نسمعه من تصريحات مصحوبة بتحركات عسكرية أميركية في سوريا يؤكد تصميم واشنطن على الأستمرار في تنفيذ خطط وبرامج المحافظين الجدد وتحقيق اهدافهم، لذلك نراهم يعرقلون أي حل سياسي للصراع القائم، لأنهم يريدون تفكيك الدولة وتقسيمها، وهم ما زالوا يستهدفون سوريا بعد فشل مخطط تقسيم العراق.
ولكن ليس بالضرورة نجاح المشروع الأميركي في المنطقة رغم توفر الأدوات الأقليمية، لأن روسيا موجودة بقوة ونجحت بنسج شبكة واسعة من العلاقات مع دول المنطقة، رغم تقاطع وتعارض المصالح بين هذه الدول، وهو النجاح الذي خلق واقعا جديدا منح روسيا القدرة على لعب دور أكبر يخفف من التوتر، ويساعد على دفع عملية الحل السياسي في سوريا، وسحق الأرهاب والقضاء عليه، رغم استمرار بعض اطراف المعادلة بدعم الأرهاب سياسيا واعلاميا.
يبقى التساؤل الأهم: كيف ستتعامل روسيا مع «الحليف التركي» الذي ادخل جيوشه الى الشمال السوري تحت عنوان أمن الحدود التركية ومحاربة مسلحي الفصائل الكردية التي تتمركز وتتوسع في المنطقة ؟!.
كذلك كيف سترد موسكو على الأنتشار العسكري الأميركي داخل الأراضي السورية في محاولة لأقامة اقليم كردي ، وفي الحالتين ( التركية والأميركية ) نشتم رائحة مشروع التقسيم ، الذي يهدد وحدة ارض وشعب سوريا ؟!.
الحقيقة لا أعرف عن التفاهمات بين اللاعبين الكبار ، ولكن الذي أعرفه ان سوريا شعبا وجيشا ودولة ، واعية ومتابعة لحقيقة ما يحدث في الشمال وستسقط المشروع بكل تفاصيله ، لأن ما يحدث في الشمال هو غزو عسكري يجب أن ينتهي بالتزامن مع دحر الأرهاب.
الراي 2017-10-26