إن الصهيونية ليست قضاء وقدرا وإن اتقاءَها مرتبطٌ بوحدة القوى المناهضة لها
يواجه الشعب العربي الفلسطيني، جيشَ الاحتلال الإسرائيلي ووحوشَ المستوطنين الصهاينة، مكشوفا ومجردا من الشروط الأساسية الأولية البدهية للصمود والانتصار، وتحقيق تقدم في معركة الحرية والكرامة والاستقلال. تلك الشروط التي يعرفها الفلسطينيون في كل فصائلهم السياسية.
قادة الفصائل الفلسطينية السياسية كافة يعرفون الشرطين الرئيسيين اللازم توفرهما معا:
1- الوحدة الوطنية الفلسطينية.
2- الجبهة الوطنية المتحدة.
استراتيجية بناء «الجبهة الوطنية المتحدة» وضع قوانينها وصاغ ميكانزماتها المناضل البلغاري البارز جورجي ديمتروف في كتاباته الشهيرة عن الجبهة الشعبية الوطنية التي جلاّ فيها «تكتيك وحدة العمل» و»أسس العمل الجبهوي» و»البرنامج الكفاحي» و»مسألة التحالفات وشروطها في مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي» وضرورة «تجنب الانقسامات».
يؤكد ديمتروف أن النصر على النازية والفاشية والاستعمار، ما تحقق للشعوب كافة، إلا بالجبهات الوطنية.
كتب جورجي ديمتروف الذي أصبح أول رئيس وزراء للحكومة البلغارية الاشتراكية عام 1945: «إن الفاشية ليست قضاء وقدرا، وان اتقاءَها مرتبطٌ بوحدة القوى المناهضة لها». وأضاف ديمتروف مهندس التحالفات والجبهة الوطنية التي حققت الانتصار فعلا: «إن الجبهة الموحدة هي الأداة المثلى للمقاومة والضامنة للانتصار».
وكتب جورجي ديمتروف: «صعد النازيون بسبب انقسام أحزاب المجتمع الألماني».
اذن، أمام الشعب العربي الفلسطيني مهمتان لا مفر من انجازهما إذا أراد الصمود في وجه ضراوة الوحشية الإسرائيلية، ولاحقا هزيمتها، والانتصار عليها، هما:
1- الوحدة الوطنية ووقف الانقسام المدمر.
2- بناء الجبهة الوطنية، التي تزج في أتون الصراع والكفاح، كل طاقات شعب فلسطين العربي.
إن استمرار الانقسام بين الفصائل السياسية الفلسطينية يعني بكل تأكيد استحالة القدرة على الاستمرار في المواجهة والنهوض الوطني الراهن وتحقيق أقصى رغبات العدو الصهيوني وأمنياته.
إن كل مواطن أردني يتطلع بفخر واعتزاز إلى شعب فلسطين العربي المناضل الذي قام ونهض وهبّ للحصول على الحرية والكرامة والاستقلال، مستخدما ابسط أدوات النضال والمقاومة وأضعفها، وينظر حزينا إلى قيادات الشعب العربي الفلسطيني التي تعمدت بالكفاح والمقاومة والدم، وهي تراوح مكانها ولا تلتقط الشرط الأساسي الجوهري الوحيد المعروف لديها وهو الوحدة الوطنية كمقدمة ضرورية للجبهة الشعبية الوطنية.
الوحدة الوطنية الفلسطينية الآن، هذه هي حاجة الشعب العربي الفلسطيني وهذا هو ما ينتظره من فخامة محمود عباس رئيس دولة فلسطين رئيس حركة فتح ومن قيادة حركة حماس ممثلة بالقائدين التاريخيين خالد مشعل وإسماعيل هنية ويحيى السنوار القائد الحالي لقطاع غزة.
إن الوحدة الوطنية لشعب فلسطين العربي، وأيضا بناء «الجبهة الوطنية المتحدة» علاوة على أنها ضرورة كفاحية وطنية فلسطينية، يعتبر إرجاؤها جريمة كبرى. إنها مصلحة أردنية كبرى أيضا، فشرور الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وإرهابه، الذي هو على مستوى الدولة، ظل من ابرز أسباب ضعف برامج التنمية والإنفاق الكبير على السلاح ونشوب عدة حروب واستمرار عدم الاستقرار الذي يلف الإقليم منذ 70 سنة والذي يستدرج التطرف واليأس.
وكما كان ملكنا وكما كان بلدنا على الدوام سند فلسطين، فإن ذلك الدعم يزداد ولا ينقص، وستظل عمان في ذروة الفرح لنضج القيادات الفلسطينية وتوفيرها استحقاق المصالحة الفلسطينية الأهم الآن.
وفي الموضوع تفاصيل ومحاذير ومخاطر أبرزها، نمو تيار «متأسرل» في الأوساط الفلسطينية في الضفة الغربية نشأ وتمرّس بحكم طول أمد الاحتلال الإسرائيلي الإجرامي، هذا الاحتلال الذي تغلغل في كل مفاصل حياة شعب فلسطين العربي وأمسك بمعظم مفاتيح حياته.
هذا التيار العميل سيعمل جاهدا على عرقلة أي اتفاق وإحباط أية توجهات لمصالحة فلسطينية.
الدستور 2017-10-29