أكراد العراق والكاتالونيون!
خلافاً لما يظن ويعتقد البعض فإنه لا شبه يصل إلى حدِّ التطابق بين خطوة «الإستفتاء» التي أقدم عليها مسعود بارزاني وأعتبرت، وبخاصة من قبل الحكومة العراقية ومعها إيران وتركيا، خطوة إنفصالية وإنقسامية وبين الإعلان عن إنشقاق إقليم «كاتالونيا» الأسباني وتحوله إلى دولة مستقلة وهذا قبل أن يرضخ رئيسه كارليس بوتشيمون لضغط الحكومة الأسبانية التي أقالته من منصبه وقررت إجراء إنتخابات لاحقة في هذا الإقليم وفي فترة قريبة.
إنَّ أول أوجه الخلاف بين هاتين القضيتين أو المشكلتين أو الأزمتين هي أنَّ كردستان العراقية تعتبر جزءاً من إمتداد قومي كردي في تركيا وفي إيران وفي سورية وهي أيضاً أنَّ هذا الإقليم بقي «يطرح» نفسه كدولة مستقلة منذ أن أضفت عليه الولايات المتحدة الأميركية حمايتها في بداية تسعينات القرن الماضي وأنه شكل، بكل أجهزته ومؤسساته ودوائره الحكومية وبقواته العسكرية الـ «بيشمركة» وبممثلياته الدبلوماسية في الخارج، كياناً مستقلاً تعاملت معه العديد من دول العالم على أساس أنه لم يعد ملحقاً بالعراق ولا تابعاً للعاصمة العراقية.
وحقيقة أن هذا لا ينطبق إطلاقاً على إقليم كاتالونيا الأسباني الذي له إمتداد جغرافي وسكاني في فرنسا وحدها والذي رغم نزعته الإستقلالية القديمة لم تتشكل فيه «ميليشيات» مسلحة وحيث بقيت أنشطته سلمية وأقتصرت على التظاهرات والإحتجاجات والبيانات وهنا فربما أن إقليم «الباسك» المشترك الأسباني – الفرنسي قد شهد في فترات سابقة بعض المحاولات الميليشياوية – التسليحية التي ما لبثت أن إختفت بعد إنتكاس الثورة اليسارية، التي يعتبرها البعض ثورة شيوعية، في ثلاثينات القرن الماضي وإنتصار الجنرال فرانكو بدعم من معظم إن ليس كل الدول الأوروبية الغربية.
لكن وبما أننا بصدد هذا الإستعراض التاريخي المقتضب فإنه لا بد من الإشارة إلى أنَ يويس كومباينس الذي لا يزال يعتبره الـ»كاتالونيون» بطلهم القومي كان قد أعلن هذا الإقليم، في بدايات ومنتصف ثلاثينات القرن الماضي، دولة في إطار جمهورية أسبانيا الإتحادية التي لم تكن قائمة لكن هذا الثائر الـ «كاتالوني» ما لبث أن إستسلم لقوات النظام الأسباني وحيث لجأ إلى فرنسا لاحقاً وألقى القبض عليه الألمان النازيون المحتلون في عام 1940 وقاموا بتسليمه إلى الجنرال فرانسيسكو فرانكو الذي نفذ به حكم الإعدام في قلعة مونتجويك المطلة على مدينة برشلونه.
والمشكلة بالنسبة لـ «الكاتالونيين» الإستقلاليين أنَّ الإتحاد الأوروبي بدوله كلها ضد إنفصالهم عن أسبانيا وأنه ضد أي حركة إنفصالية في أوروبا كلها وأنه يسعى لأوروبا موحدة بهوية أوروبية واحدة وبجواز سفر واحد ثم وأنَّ المعروف أن هذه الـ «كاتالونيا» تنعم بكل هذا الرخاء الإقتصادي إعتماداً على الأوروبيين وعلى الشركات والمؤسسات الإقتصادية الأوروبية مما يجعل رئيسها الذي تمت إقالته كارليس بوتشيمون يذعن لإملاءات الحكومة الأسبانية المركزية ويكتفي بالإعتراض الديموقراطي فقط ويلجأ لـ»النضال» بالوسائل السلمية!!.
الراي 2017-10-30