الإصلاح الاقتصادي – لماذا؟
يقول رئيس الحكومة الدكتور هاني الملقي أن التحديات الصعبة التي يشهدها الاقتصاد الأردني في هذه الأيام تستوجب عملية الإصلاح الاقتصادي دون إبطاء أو تأجيل.
هذا صحيح، وقد يأخذه البعض على أنه اعتذار عن عملية الإصلاح الاقتصادي ، مع أن هذا الإصلاح مطلوب لذاته، لأن معناه موازنة متوازنة ومديونية خفيفة ، وهذه أمور مطلوبة في كل زمان ومكان.
ويقول الرئيس، ضمناً وليس صراحة، أن من سوء حظ حكومته أن تأتي في مثل هذا الوقت بعد سنوات من الانحرافات المالية المتزايدة التي أنتجت مديونية ثقيلة ، على حكومته الآن أن تتحمل تبعاتها.
الحكومات السابقة اقترضت وحلت مشاكلها باموال البنوك التي جاء الان وقت سدادها. لكن الحكومة الحالية لم تقصر، فقد عقدت أخيراً أكبر قرض أجنبي بمبلغ مليار دولار، مما يعني أنها تستطيع هذه السنة أن تواجه وتسدد جميع التزاماتها الراهنة ولكن ماذا عن المستقبل؟.
جوهر الإصلاح المالي الذي نتحدث عنه هو مواجهة عجز الموازنة العامة ، الذي يغطى جانب منه من المنح العربية والأجنبية ، والجانب الآخر بالاقتراض داخلياً وخارجياً. ولم يتوقف الاقتراض حتى عندما كانت المنح العربية والأجنبية في الأوج.
الصورة طبعاً ليست بهذا السوء ، فالاحتياطي لدى البنك المركزي بالعملات الأجنبية أكثر من كاف ٍ، والدينار الأردني مثبت بأقوى عملة في العالم (الدولار) بسعر ثابت منذ 21 عاماً، وهذا إنجاز وعامل استقرار لا يجوز إنكاره.
بهذا المعنى فإن الإصلاح الاقتصادي مطلوب، ليس لأسباب عابرة، وليس لمعالجة نقاط الضغف فقط، بل لحماية نقاط القوة أيضاً.
في وقت ما، جرت محاولة لتوزيع المسؤولية الديون على الحكومات المتعاقبة ، بأن نذكر حجم المديونية عند بدء كل حكومة وعند رحيلها مع أخذ مدتها بالحسبان.
وكانت هناك اجتهادات: هل تتحمل المسوؤلية الحكومة التي عقدت القرض ، أن تلك التي سحبت عليه واستهلكته. ومن هنا فإن المقياس الأفضل قد يكون عجز الموازنة التي قدمتها ونفذتها كل حكومة ، فالعجز هو المسؤول عن المديونية. وإذا كان الأمر كذلك ، فإن العجز ظل في ارتفاع سنة بعد أخرى ، وبالتالي ارتفع الدين العام أيضاً سنة بعد أخرى لأنه مصدر تسديد العجز الصافي أي بعد المنح الخارجية.
الراي 2017-11-06