زياد عيتاني عارياً!

تم نشره السبت 02nd كانون الأوّل / ديسمبر 2017 01:10 صباحاً
زياد عيتاني عارياً!
ابراهيم جابر ابراهيم

“إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون؟

أيخون إنسانٌ بلاده” .

تساءل الشاعر بدر شاكر السياب، في قصيدة له، في العام 1948، لكنها ظلَّت تصلح للسؤال في كل وجع عربي، وفي كل وطن .. ليأتي الشاعر المصري أمل دنقل، ويعيد السؤال في قصيدته الشهيرة “لا تصالح” بعد توقيع السادات لاتفاقية كامب ديفيد : “لا تصالح ولو منحوك الذهب . أترى حين أفقأ عينيك، ثم أثبّت جوهرتين مكانهما، هل ترى؟. هي أشياء لا تشترى”!

الأشياء “التي لا تشترى” هي ذاتها رأى الفنان اللبناني زياد عياتني أنها قد تشترى بـ 500 دولار شهريا!

ثم عاد ليغيّر في أقواله، هذا الأسبوع، وليقول أنه منح هذه “الأشياء” مجانا للعميلة الإسرائيلية كونها ابتزته بـ”فيديو جنسي”!

هكذا جنّدت إسرائيل فنانا ومثقفا وتقدميا، بفيديو صوَّره لنفسه وأرسله لصديقة افتراضية تعرف عليها على الفيسبوك أنها ناشطة سويدية في إحدى منظمات المجتمع المدني!

بعد سنة من التواصل والرسائل اعترفت له أنها ضابطة في الموساد، وجندته للتجسس على مسؤولين لبنانيين، وإلا نشرت له الفيديو!

الإعترافان، الأول والثاني، ركيكان، ولا يصمدان أمام المنطق: فهل يعقل أن يبيع إنسان نفسه وبلده بـ 500 دولار شهريا! وإن أخذنا بقصة الفيديو فهل يقبل عاقل بأن يتورط في خزي وعار الجاسوسية لإسرائيل، لأنه يراه أقل عاراً من أن ينشر له فيديو صوره لنفسه وهو عار وأرسله للجاسوسة بالموبايل؟

ثمة ما هو أبعد من الأمرين، فلا قصة الدولارات ولا الفيديو مقنعتين، كي يبيع عربي كل هذه “الأشياء التي لا تُشترى”، فلا هو بحاجة المبلغ الهزيل، ولا هو يعيش في الغابات لتغريه امرأة شقراء، (على الكاميرا وليست على الواقع) وهي على أية حال ليست أجمل من أي امرأة في لبنان! 

لكن هناك في رأيي -داخل كل من باع نفسه لاسرائيل- فراغا في مساحة ما، خللا نفسيا تجاه فكرة الوطن، ركاكة في الانتماء، فجوة صغيرة أو كبيرة في العلاقة مع المفهوم الثمين للبلاد .. أو أن هناك ثأرا دفينا له مع بلاده!

لا يمكن لشخص تورط في العلاقة مع إسرائيل أن يكون سويّا لجهة الروح والنفس والقلب. ربما أن عطبا فادحا أصاب في مرحلة ما أو في ظرف ما فكرة الوطن لديه، أو انتقص منها، أو عرَّضها للشك، وفي رأيي أن هذه العلاقة تحديدا إن اهتزت فإن كل شيء .. كل شيء بالكامل يصير رخيصا وقابلا للبيع!

حيث فكرة الوطن لدى المواطن العربي، بما راكمته من قدسية وطهرانية تسللت إلى الجينات، وإلى التركيبة السيكيولوجية لدينا، لم تعد منذ قرون قابلة للنقض او الشكّ، وصارت من المُسلّمات، بل إن تغيير العربي لدينه يعدّ في بعض المجتمعات مقبولا أو متفهما، أو على الأقل لا يثير الاستنكار والنبذ الذي تثيره خيانة الوطن، .. حتى أن الخيانة بمعناها الأول والرئيس ارتبطت بداهة بالبلاد. فحين يقال في العربية “خائن” لا يتبادر للذهن سوى العلاقة مع الوطن. حيث هي المسطرة التي دائماً ما قيست بها مروءة وفروسية وأخلاق العربي، ولطالما قتل آباء ابناءهم أو أباحوا دمهم لمجرد الإشتباه بخيانتهم!

وفي المجتمعات العربية يمكن المرور عن أي نقيصة، وتمحوها الأيام، حتى لو كانت فيديو مخلا بالآداب، إلا الخيانة فإنها وصم يصيب اسم العائلة إلى الأبد!

وفي حالة مثل الفنان اللبناني على المحللين قراءتها من ناحية نفسية، ولناحية سلامة الروح والوجدان، .. حيث لا يمكن لإنسان سويّ أن يقايض بلاده بصورته وهو عار!

الغد 2017-12-02



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات