أزمة الإدارة الأمريكية وشظاياها المتطايرة

تم نشره الأحد 03rd كانون الأوّل / ديسمبر 2017 12:29 صباحاً
أزمة الإدارة الأمريكية وشظاياها المتطايرة
حازم عياد

 لم تتوقف تداعيات مسلسل التحقيقات والملاحقات القانونية والقضائية لاعضاء حملة ترمب الانتخابية ومستشارية على الساحة الداخلية الامريكية؛ فالحملة التي بدأت باتهام مانفورت مدير حملة ترمب وليس انتهاء بمايكل فلين ارتبطت بملفات ساخنة في الساحة الدولية والاقليم العربي، على رأسها التصارع مع روسيا وملف القضية الفلسطينية.

شراسه الحملة لاتقتصر على مستشاري ترمب وموظفيه اذ تهدد عائلة الرئيس ترمب وصهره كوشنر؛ فاعتراف فلين ومن قبله مانفورت بالذنب من الممكن ان يقود الى اتهامات مباشرة لصهر الرئيس كوشنر، خصوصا وان مانفورت وفلين يتعرضان لضغوط كبيرة من قبل المحققين وعلى رأسهم مولر للكشف عن دور صهر الرئيس جاريد كوشنر.

الادارة الامريكية تبدو مأزومة بشكل غير مسبوق؛ فبعد تزايد الشائعات حول امكانية اقالة وزير الخارجية تيلرسون ليحل محلة مدير الـ CIA بومبيني، خرج  ترمب بنفسه لينفي هذه الشائعات؛ التي ترافقت مع تسريبات عن ازمة في البيت الابيض حول ادارة السياسة الخارجية ودور كوشنر في اضعاف تيلرسون، بل وتصاعدت الحملة بالحديث عن فشل تيلرسون في اجراء الاصلاحات وعمليات التطوير للخارجية الامريكية بشكل اوقف التعيينات والترفيعات واعاق تعيين مستشاريين وسفراء في عدد من الدول.

الصراع الدائر في واشنطن فاض بشكل واضح الى المنطقة العربية بضربات استباقية تسعى لتحويل البوصلة والاهتمام الى الملفات الساخنة دوليا، ودفع نحو انخراط نائب الرئيس في ادارة الملفات السياسية؛ اذ اعلن نائب الرئيس «بنس» قبل ايام وبمناسبة قرار تقسيم فلسطين والاعتراف بدولة الكيان الصهيوني عن نية ترمب الاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان ونقل السفارة اليها؛ امر عاد ترمب الى التأكيد عليه من خلال موظفي البيت الابيض في ذروة ازمة التحقيقات حول اتصالات اعضاء حملته بالسفراء الروس؛ فالتخبط والتهور سمة اساسية لطريقة ادارة الادارة الامريكية لأزمتها الداخلية وملفاتها الخارجية، مفضية الى تطاير شظايا الصراع والانقسام الداخلي في امريكا الى كافة بؤر الصراع ومناطق النفوذ الامريكي، مهددة بمزيد من الازمات والخلخلة لنفوذها وتحالفاتها.

 فحالة الهياج لا تقتصر على البيت الابيض؛ فالكيان الاسرائيلي لايخفي قلقه من التطورات الحاصلة في واشنطن خصوصا وان هناك مخاطر كبيرة بخسارة حلفاء ايدولوجيين؛ من امثال كوشنر وغرينبلات ودينا باول وديفيد فريدمان باعتبارهم مهندسي السياسة الجديدة في المنطقة؛ حالة التشنج عبر عنها من خلال التصعيد على الجبهة السورية باستهداف طائرات الكيان الصهيوني لقواعد عسكرية بالقرب من دمشق سبقها بساعات مواجهة محدودة مع المقاومة الفلسطينية على حدود قطاع غزة افضت الى اشتباكات وغارات جوية.

تسخين الجبهات مرتبط بطريقة او اخرى باشتعال الجبهة الداخلية الامريكية التي تهدد بؤرا حية وناشطة للنفوذ الصهيوني بشكل يزيد حكومة نتيناهو ضعفا؛ فنتيناهو راهن بقوة على ترمب وكوشنر للبدء بحملة تطبيع وتهويد للقدس، تسجل كفتح كبير له ولحكومته تضمن بقاءه في السلطة وتعزز مكانته السياسية لدى اليمين الصهيوني.

 القلق لايقتصر على الكيان الاسرائيلي فالكثير من الدول والكيانات السياسية في المنطقة راهنت بقوة على ادارة ترمب؛ واندفعت كتلة من المتصهينين بتهور للكشف عن نفسها؛ ظنا منها ان المعركة ستحسم لصالح الادارة الحالية في المنطقة فالحسابات المعقدة والخاطئة؛ مترافقه مع صعوبة التراجع عن السياسات المعلنة والمواقف المتبجحة لدى بعض النخب الاعلامية او المثقفة في العالم العربي.

المعركة تتحول شيئا فشيئا الى معركة قاسية في العالم العربي؛ فالصراع الداخلي الامريكي له انعكاسات واضحة على استقرار الاقليم ولا يمكن وقفه اذ يحمل في باطنه حتمية للتصعيد والمواجهة ولو بشكل محدود؛ ذلك ان الصراع الداخلي والانقسام تغذيه العديد من العناصر والاحداث المتزامنة والتي ستبلغ ذروتها بتقدم التحقيقات ثم انطلاق الحملات الاعلامية والانتخابية للكونغرس قريبا؛ ما يعني ان التجاذبات والسياسات المتهورة والخالية من الحسابات السياسية الاستراتيجية ستصبح النمط المسيطر خلال الاسابيع والاشهر القليلة القادمة.

 التصعيد والضغوط لن تقتصر على ايران بل ستمتد الى روسيا وكوريا والشمالية والصين؛ فالقوى الاقليمية والدولية على علم بحالة التشرذم والانقسام الداخلي في امريكا، وعلى وعي بالنزعة المتهورة للادارة الامريكية التي تعاني من ازمة كبيرة؛ فالتصعيد خيار مقبول ومعقول لدى خصوم واشنطن كما هو الحال لدى ترمب وحلفائه ولكن بدوافع مختلفة تماما؛ يقف على رأسها الرغبة بتحقيق مزيد من المكتسبات واظهار العجز الامريكي عن مواجهة التحديات على امل خلخلة تحالفاتها ونفوذها بقوة اكبر؛ امر ظهر جليا مؤخرا بالتجربة الصاروخية لكوريا الشمالية.

السبيل 2017-12-03



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات