ثقافة اضعف الايمان !!
التقليل من شأن الرفض حتى لو كن ممنوعا من الصرف ومن الشجب، حتى لو بقي في نطاق اضعف الايمان له نتائج كارثية، منها غسل ذاكرة الاجيال ، والتواطؤ من خلال الصمت على ما يجري، واذا لم يكن هناك من عرب هذه الحقبة الرمادية من يقوى على تغيير الواقع باليد او حتى باللسان فإن ما تبقى هو القلب والوجدان، ومن يحاولون تسفيه الكتابة في الشجن الفلسطيني وهو اعمق الشجون القومية او السخرية من فعاليات رمزية لا يدركون بأنهم بذلك يقدمون تاريخهم لاعدائهم هدية بالمجان .
وعلى سبيل المثال لم تفلح اطنان الورق التي كتبت عن بلفور في مئويته في حذفه او استبداله لكنها اتاحت للجيل العربي الراهن فرصة المعرفة وفهم هذا الوعد كما هو وليس كما يعاد انتاجه بهدف التضليل والتعمية وخلط الاوراق ! لكن الخلل في واقعنا العربي الناتح عن فائض الكلام ونقصان الفعل يدفع البعض الى اليأس من كل ما يقال وبتكرار يصل الى حد الاملال والارهاق العاطفي، والصهيونية قبل اعلان الدولة عام 1948 واحتلال فلسطين لجأت مرارا الى اضعف الايمان اذا اعتبرنا الكتابة والتبشير بفكرة ما حراكا رمزيا يندرج في خانة اضعف الايمان .
ان كل كلمة تكتب الان او تبث عبر الفضائيات تتجاوز التذكير بما يهدده التناسي المقصود الى التوثيق، وفي غياب الشهود يعاد قتل الشهداء وهدر دمهم واسقاط الاهداف التي قضوا من اجلها !
انه اضعف الايمان ، بل اضعف المقاومة والرفض، لكن ما من سبيل آخر امام الذين تحولوا رغما عنهم من مواطنين الى رعايا ومن رعايا الى رهائن ، واذا كان واحد من ابرز مؤرخي عصرنا هو ارنولد توينبي قد اختصر اسرائيل بعبارة من كلمتين فقط هي انها خطأ تاريخي ، فإن هناك بالمقابل من رأوا انها جملة معترضة في كتاب الجغرافيا وندبة عميقة في تضاريس خريطة لم تكن مصادفة انها تشبه الخنجر الصخري !
وتسمية الغزال قردا او الذبابة نحلة لن يغيّر من الامر شيئا، والقدس من قافها الى سينها ومن سورها الى سرّتها عاصمة الابجدية وكل الناطقين بها!!
الدستور 2017-12-10