في مواجهة الأسوأ!

تم نشره الجمعة 22nd كانون الأوّل / ديسمبر 2017 03:10 صباحاً
في مواجهة الأسوأ!
محمد أبو رمان

أيّاً كانت جديّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تنفيذ وعيده وتهديداته ضد الدول التي صوّتت أمس على قرار رفض القرار الأميركي تجاه القدس، فإنّ ما هو مؤكّد أنّنا – أردنيّاً- وصلنا إلى مرحلة دقيقة ومعقّدة في العلاقة مع إدارة هذا الرئيس المتعجرف!
بالضرورة لم يكن الأردن ليتراجع بعد تهديدات ترامب ولا غيره، ولم يتراجع في موضوع السفارة الإسرائيلية في الأردن، ولن يتنازل عن قضايا مرتبطة مباشرةً وبصورة حسّاسة بكرامة الوطن والأردنيين جمعياً، فعندما تصل الأمور عند هذه القيم، فنحن نتحدث عمّا هو "فوق الخطوط الحمراء" كثيراً.
إذاً، نحن الآن أمام مرحلة خطيرة، أحد عناوينها "الابتزاز" الأميركي و"الإسرائيلي" للأردن، والمساعدات الأميركية التي تصل إلى قرابة مليار ومائتي مليون أحد عناوينها، والجدل الحادّ مع صندوق النقد الدولي (الذي ترتبط قراراته أيضاً بأبعاد سياسية وبتوجهات أميركية) عنوان آخر مقلق، وتغريدات وزير خارجية البحرين الأخيرة (الذي ألمح إلى اعتبار القدس قضية جانبية أمام الموضوع الإيراني) عنوان ثالث يدخل في صلب النقاش عن العلاقة مع الإدارة الأميركية.
صحيح أنّ أميركا اليوم معزولة ديبلوماسياً في موضوع القدس (وإن كانت أغلب المواقف رخوة عالمياً وعربياً باستثناء الموقف الأردني- الفلسطيني) إلاّ أنّ ما علينا أن ندركه جيّداً، ونحن ندرس خطواتنا وعلاقاتنا وخياراتنا في المرحلة القادمة أنّنا نحن – أردنياً- معزولون استراتيجياً، بمعنى أن تحالفاتنا غير صلبة، وهنالك خلافات عميقة بيننا وبين حلفائنا التقليديين في موضوع أولوية القدس والموقف من الملفات الإقليمية.
كيف سنتعامل مع إدارة ترامب خلال الأعوام الثلاثة المتبقية له؟! بغض النظر عن المساعدات، فالعلاقة وصلت إلى مرحلة مأزومة، ما يعني أنّ علينا أن نضع احتمال وقف المساعدات أو عرقلتها أو ابتزاز الأردن والضغط عليه بعين الاعتبار في المرحلة القادمة.
ليست الأخبار جميعها سيئة، إذ كان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري، قد صرّح (قبل أشهر، والغريب أنّنا لم ننتبه إلى ذلك التصريح في حينه) بأنّ الحكومة العراقية مستعدة لتقديم النفط إلى الأردن مجّاناً، أو بالحدّ الأدنى بأسعار تفضيلية، فلماذا لا نطرق هذا الباب بصورة أكبر، ونعمل على إعادة تحسين العلاقات مع بغداد، التي مثّلت في مراحل مهمة سنداً عميقاً للأردن.
ذلك بالضرورة لا يعني تغيير التحالفات، كما يتوهم أو يفكّر البعض، لكنه محاولة توسيع هامش المناورة الأردنية في التعامل مع الظروف الإقليمية والدولية القاسية والصعبة، وتدوير لبعض الزوايا في سياستنا الخارجية من أجل تحقيق مصالحنا الاقتصادية وتخفيف حجم الضغوط على الأردن.
المهم أنّ اجتياز هذا المنعرج التاريخي الجديد والخطير في التحديات الخارجية من الضروري أن يتم بالتزاوج مع انفتاح سياسي داخلي، وتوسيع قاعدة "الشراكة السياسية"، واستدخال القوى السياسية في المسؤولية السياسية، لأنّ هنالك عزلة موازية للعزلة الخارجية في العلاقة بين الحكومة والشارع، مع ضعف قدرة الدولة على إنجاز وتوصيل رسائلها السياسية.
ما يقلقنا ليست العزلة الاستراتيجية بالدرجة الأولى، فيمكن التحايل عليها عبر توسيع هامش المناورة وتنويع سلّة الخيارات، وتدوير بعض الزوايا، بل هي أزمة الثقة والمصداقية السياسية، لأنّ المطلوب منّا أن نواجه قرارات الإدارة الأميركية والأوضاع الإقليمية في ظل أزمة اقتصادية ومالية قاسية على الشريحة العامة من الشارع، وفي ظل إصرار صندوق النقد الدولي على اتخاذ سياسات وقرارات أكثر صعوبة!
 إذا أردنا من المواطن أن يتفهّم الأوضاع السياسية والاقتصادية، فمن الضروري أيضاً أن يكون المواطن شريكاً حقيقياً.
بالرغم من كل الظروف القهرية، فهنالك اليوم نشوة شعبية وطنية بمواقف الأردن وارتفاع كبير في المشاعر الوطينة، من المهم ألاّ نضيّع هذه المنحة وسط المحنة!

الغد 2017-12-22



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات