أعدني طفلاً يضفِّر شعر الشمس

تم نشره الأحد 24 كانون الأوّل / ديسمبر 2017 12:30 صباحاً
أعدني طفلاً يضفِّر شعر الشمس
رمزي الغزوي

ما زلت أهاب سيرة الغول، وأمقت لؤم الضبع وخبثها، وما زلت أرتعد من حقد الحية، التي تبلع كبشا بقرنين عظيمين، وما زلت أندغم حد الهوس بحكايات الشاطر حسن وبطولات الزير سالم ودم كليب الذي لم يجف.
وما زلت أتجنب النوم بجواربي؛ خوفاً على ما تبقى من بصري، فطالما خوفتني جدتي من أن الجوارب تضرب على عرق البصر، ورغم أني تدرعت بمطعوم الجزر منذ خشونة أظفاري؛ إلا أنني صرت أمشي بعكازات للعينين.
وما زلت أخشى مواجهة المرايا ليلاً؛ فهي بوابات للشياطين الزرق، حسب ما كانت ترعبنا الجدات والأمهات لننام على خوف مكبلي الأحلام خامدي الأمنيات. 
أحلامنا لم تكن سوى كوابيس بدبابيس جراء ذلك التخويف، ولهذا كانت وما زالت تفرحني فكرة بابا نويل الرجل الطيب بلحيته الشاسعة، الذي يأتي على زلاجات تقودها غزالات رشيقة، تجوب قطن السماء وعبابها، ليباغت الأولاد النيام في فراديس أحلامهم.
يدخل بابا نويل من مدخنة البيت الضيقة، ويترك هداياه الملفوفة بورق يلمع فوق رؤوسهم، فإذا ما أفاقوا ومسحوا النوم عن عيونهم، وجدوا ما يفرحهم بعيدهم، فبفكرة بابا نويل يستطيع خيال الصغار إذا ما كبروا وتحجمت أحلامهم أن يهضم هذا العالم العسير.
فيا رجل الثلج والأمنيات عندما كنّا صغاراً، كانت الدنيا كبيرة في عيوننا، أكبر من كيسك الأحمر وأكبر من رغيف جوعنا، فلماذا ضاقت بنا وضاقت علينا، حتى صارت أضيق من ثقب رصاصة برأس شهيد؟ فما أتعسنا إذ نكبر، ونكف عن نسج الأمنيات.
فيا أيها الصديق لا أريد لعبة تضرب طبلاً أحمق، ولا أريد كرة من المطاط، بل أريد أن تنقشع سحب الحروب القاتمة عن شمسنا، وتذوب في بحر الملح، كي لا يجرؤ أشرار الأرض ويزدردونها مرةً أخرى، فيتناسلون حروباً تحيل أحلامنا كوابيس سوداء، ونريد وطناً فيه الفراشات يتحلقن وهج القنديل ويمتن بسعادة كميلاد طفل: نريد وطناً لا نشعر به بالجوع، حتى لو نمص بنان أصابعنا.
يا بابا نويل كنّا أولاداً طيبين لا يعصون لآبائهم أمراً، ننام أبكر من دجاج المزارع، ولا نلطخ ثيابنا بالشوكولاته، لأننا لم نأكلها أصلاً، ولم نعرفها يوما، وكنا طيعين كمعجون الأسنان!؛ فحاول أن تزورنا في هذا اليوم، وتدخل من مدخنة بيوتنا الباردة؛ كي تجلب عكاكيزاً لأحلامنا الكسيحة.
بابا نويل، إني أنتظرك منذ حزنين؛ فأعدني طفلاً يضفِّر شعر الشمس، فإذا ما نادته أمه تظاهر بالموت!؛ فتوقظه دودة القزُّ ليطير بأجنحة الحرير!.

الدستور 2017-12-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات