امريكا والاخرون !!
اخيرا، اصبح هذا الكوكب مشطورا الى امريكا والاخرين، بحيث يصدق عليه الوصف الافلاطوني وهو البيضة المسلوقة التي تشطرها شعرة، وما كان ذات يوم يسمى ثنائية الجزرة والعصا اصبح الان العصا والعصا ايضا لأن الجزرة قضمها الحمار الامريكي لا القبرصي هذه المرة، ولم يحدث من قبل ان تحول امبراطور الى رئيس مافيا يهدد الدول الفقيرة بالمزيد من الافقار والحصار اذا فكرت للحظة بالدفاع عن سيادتها ضمن حدود القوانين والاعراف الدولية، ومثل هذا السلوك ما شأنه ان يلحق الاذى البالغ بأمريكا ذاتها لهذا فالامريكيون خصوصا من انتخبوا ترمب عليهم الان الدفاع عن بلادهم ضد اختطافها، وتحويلها من قوة عظمى الى عصابة .
اما الدول التي توصف بأنها فقيرة وبحاجة الى معونات من الولايات المتحدة فإن على شعوبها ان تتمرد على ثنائية العقاب والثواب، وان تجوع ولا تأكل بثدييها وان تقول لا بملء الفم حتى لو كان بها خصاصة، لأن ما اعلنه ترمب من وعيد لمن لا يرددون كالببغاوات صدى صوته يجب ان تضع له حكومات وشعوب القارات الخمس حدا كي لا يتمادى ويصبح كلي القدرة وكل شيء بالنسبة اليه مباح في غياب التوازن والعدالة والحقوق ؟
ومن اختصروا ثنائية العصا والجزرة بكلمتين هما المنحة والمحنة عبروا بدقة عن هذه الازمة الكونية التي تسبب بها امبراطور الزمن الاخير والذي ورط بلاده بما لا تقوى على احتماله في المدى البعيد، لأنه عرضها لمساءلات قانونية واخلاقية، وظن انه بما اقترف من قرارات يميز نفسه عن كل سابقيه ولاحقيه ايضا .
انها مناسبة اخرى للتذكير بأن صانعي التاريخ ليسوا دائما من الابطال والاذكياء ، وان للاغبياء والحمقى حصتهم من هذه الصناعة !!
الدستور 2017-12-24