الأردن والفجوة الاقتصادية والاجتماعية
ثمة ثلاث مسائل يجب أن تشغلنا بالنسبة للفجوة الاقتصادية والاجتماعية، وهي الفجوة بيننا وبين العالم، والفجوة الداخلية سواء بين الأغنياء والفقراء، أو بين الذكور والإناث أو بين المناطق والفئات الاجتماعية، والفجوة بين الإنجاز الواقعي وبين ما يمكن أو يفترض إنجازه ضمن الموارد نفسها، أو بالنسبة للخطط والأفكار والأجندات التي وضعت للنهوض بالتنمية في قطاعاتها المختلفة.
جاء الأردن حسب آخر تقرير للتنمية البشرية في المرتبة 85 بين دول العالم، وكان متفوقا في ترتيبه بين دول العالم بالنسبة للفرق بين مستوى التنمية المتحقق وبين مستوى الدخل، ما يعني أمرين أحدهما إيجابي وهو القدرة على تفعيل الموارد المتاحة لتحقيق مستوى من التنمية، لكن السلبي أن الناتج المحلي أو مستوى الدخل يشكل نقطة ضعف أو فجوة في التنمية، إذ يجب رفع الأداء الاقتصادي بل مضاعفته، فمعدل الدخل بالنسبة للفرد يساوي عشرة آلاف دولار، ويجب مضاعفته إلى 30 ألف دولار ليكون الأردن قادرا على الوفاء بمستوى معيشة وتنمية إنسانية مرتفع (وليس متقدما)، وبالنظر إلى تفاصيل الاقتصاد الأردني يمكن ملاحظة منظومة من الفجوات والاختلالات، مثل الفرق الكبير بين الواردات، ومعدلات الأجور ومستوى الإنتاجبة في العمل، والاختلالات القطاعية والجغرافية، إذ يمكن تطوير الاقتصاد الغذائي لتخفيض الواردات الغذائية وزيادة قيمة الصادرات في هذا المجال بدلا من تصدير الخضار والفواكه! كما أن اتجاهات العمل في الخارج تعيق التطور الاقتصادي والتقني والاجتماعي والثقافي برغم ما يقال عن تحويلات العاملين الاردنيين في الخارج، لكن ذلك يمثل نزفا كبيرا في الموارد البشرية ورأس المال البشري والاجتماعي، ويجعل الأداء الاقتصادي والتقني غير مستقر وعاجزا عن التطور واستيعاب التحولات والتغيرات التقنية والاقتصادية بسبب عدم تراكم الخبرات البشرية، والتسرب الى الخارج، وهو بطبيعة الحال تسرب يستهدف الكفاءات الأفضل.
ماذا يمكّن للأردن والأردنيين المشاركة في العولمة والاقتصاد العالمي؟ وإلى أي مدى يمكن توظيف الشبكية المتسعة والممتدة إلى الأعمال والمصالح؟ الشبكية لا تعمل لصالحنا تلقائيا، بل يبدو أنها تمثل مصدرا للنزف في الموارد والتنافس لم يكن واردا من قبل، وفي الوقت الذي زادت فيه الحاجة إلى كفاءات علمية ومهنية متطورة وأكثر تطورا من قبل سواء في مستواها المعرفي والمهاراتي وفي إتقان اللغات الاجنبية خصوصا الانجليزية فإن الجامعات تتراجع في مستوى خريجيها وقدرتها على تأهيل الشباب للعمل والمنافسة، وفي ذلك تتسع الفجوة بيننا وبين العالم من اتجاهين، زيادة حصة المنافسين من أسواقنا أو الأسواق التقليدية التي كانت مجالا لنا، وتراجع قدرتنا على المنافسة.
يبدأ الحل بالطبع بتطوير التعليم، وهذه قضية تحتاج إلى مساحات ووقفات متكررة، لكن ما يعنينا في هذا السياق هو كيف يساهم التعليم في إلغاء الفجوة الاقتصادية والتنموية بيننا وبين العالم، وبين الفقراء والأغنياء وبين المناطق والفئات الاجتماعية المختلفة، وبين التطلعات والواقع.
الغد 2017-12-27