الفاسد نتنياهو
في الكثير من المناسبات والأحداث يتشدق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ديمقراطية الكيان الإسرائيلي وأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
ولكن وكما هو معروف، فإن ديمقراطية الكيان محصورة في سكانه اليهود وليس السكان الأصليين وأصحاب الحق بالأرض الفلسطينية وهم الشعب الفلسطيني الذي يعاني الكثير من ما يسمى "الديمقراطية الإسرائيلية" حيث تتعامل سلطات الكيان مع ابناء الشعب الفلسطيني على اساس انهم سكان من الدرجة الثانية.
ومع نتنياهو حق بأن يتشدق ويفرح بهذه الديمقراطية التي يطوعها كما يريد، وبالشكل الذي يتناسب معه ومع مصالحه.. فبعد أن اتعبته شرطة الكيان بالتحقيقات معه بشبهات فساد كبيرة، ارتأى نتنياهو أن يستغل ما يسمى بـ"الديمقراطية الإسرائيلية" وأن ينهي دور الشرطة بتحقيقات الفساد الذي يزعجه.
نتنياهو المتعب من التحقيقات، قرر أن يلجأ إلى "الكنيست الاسرائيلي" لإقرار قانون يحد من صلاحية الشرطة. وهذا ما حصل، حيث أقر "الكنيست"، وبعد نقاشات ماراثونية حسب الأخبار والتقارير الإعلامية استمرت لـ 42 ساعة قانون يسمى " قانون التوصيات" وينص على أن الشرطة لم تعد لها سلطة توصية المدعي العام بتوجيه اتهامات بعد التحقيقات التي تقوم بها.
صحيح، أن نتنياهو وافق على تعديل النص الاساسي للقانون بحيث لا يشمل القانون قضايا الفساد التي يشتبه بها شخصيا والتي تحقق الشرطة معه بشأنها، ولكن ذلك من أجل تمرير القانون، وسيجد نتنياهو الطرق والوسائل للتخلص من الاتهامات الحالية، لكنه ينظر إلى الأبعد، بحيث يقلل من الأخطار التي قد تلحق به وبأعضاء بارزين في حزبه، والطبقة الحاكمة في الكيان جراء الاتهامات بالفساد.
لا يختلف الامر في هذا الكيان عن دول المنطقة التي يعتبرها نتنياهو غير ديمقراطية، فكما هو الحال في هذه الدول يتم معالجة قضايا الفساد شكليا، يحدث الأمر كذلك في الكيان الاسرائيلي.
ويبدو من إقرار "الكنيست" للقانون، أن نتيناهو استفاد من تجارب دول المنطقة التي ينتقدها، ففيها يتهرب الفاسدون من العقوبات، وسيصبح الأمر كذلك في هذا الكيان، بغض النظر عن الشعارات التي ترفع هناك حول الديمقراطية ودولة القانون وغيرها.. نتنياهو الفاسد، يستطيع مع الفاسدين من امثاله التهرب من العقوبات.
ستأتي أيام، كما هو واضح ، لن تكون هناك فروقات كبيرة بين الكيان الاسرائيلي والكثير من الديكتاتوريات في العالم. طبعا، ستبقى شعارات الديمقراطية وغيرها للتباهي، ولكنها ستكون جوفاء ولا معنى لها، حيث سيتم التحايل عليها بـ"القانون وبالطرق الديمقراطية".
فالكيان الذي يمارس القمع ويبتعد كليا عن الديمقراطية عندما يتعامل مع الشعب الفلسطيني، لن ينجو هو نفسه من ممارساته، وسيجد نفسه بعد حين غارقا في ممارسات قمعية غير ديمقراطية.
الغد 2017-12-30