الليكود وإجهاض حل الدولتين
قرار المجلس المركزي لحزب الليكود اليميني بضم الضفة الغربية إلى "السيادة الإسرائيلية" ليس هدفه اعادة الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية؛ فهذا الاحتلال موجود، ولم يغادر الأراضي الفلسطينية، برغم ما يقال عن اتفاقية اوسلو وغيرها من الاتفاقات مع الاحتلال.
لذلك، فان هدف الليكود، هو ضم هذه الأراضي الفلسطينية لتكون جزءا من الكيان الإسرائيلي، بحيث يتم نسف أي توجهات مستقبلية لحل الدولتين للقضية الفلسطينية الذي اقرته الشرعية الدولية. وهذا القرار يعني بالنسبة لليكود، أن تضم الاراضي الفلسطينية دون الفلسطينيين إلى السيادة الإسرائيلية.
إن خطورة هذا القرار، مع أنه ليس قرارا اتخذه الكنيست الإسرائيلي، وانما حزب واحد، أن هذا الحزب هو الحاكم في اسرائيل، ويزداد يمينية يوما بعد يوم، ويرفض الحل العادل للقضية الفلسطينية، وهو الذي يحدد طبيعة المرحلة الحالية والمستقبلية، ما يعني، أنه سيجهض أي توجه أو خطوات باتجاه مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين تصل في نهايتها لحل الدولتين.
طبعا، بالرغم من كل ما يعلن عن رفض الاحزاب الاسرائيلية الأقل يمينية الاخرى لمثل هذا القرار، إلا أن سياستها هي الاخرى وتوجهاتها، تصب في هذا الإتجاه.. فالمجتمع الإسرائيلي يزداد يمينية ورفضا لحل الدولتين.
وقد ساهم موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية اليها، في تعزيز التوجهات والتطلعات اليمينية للاحزاب والسلطات الإسرائيلية وللمجتمع الإسرائيلي ككل. فالولايات المتحدة الأميركية الداعم الاستراتيجي للاحتلال الإسرائيلي، تقف اليوم موقفا لا مواربة فيه بدعم الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية.
الإدارات الاميركية المتعاقبة، لم تخف موقفها المؤيد للاحتلال، ولكنها، كانت تبقي شعرة معاوية، بحيث لم تتخذ اجراءات فاضحة تقضي على ما تدعو له من حل للقضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين، بل كانت تدعي، انها راعية لمفاوضات السلام، وانها طرف محايد، ولذلك تم تأجيل تنفيذ قرار الكونغرس الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال ونقل السفارة الأميركية اليها 22 عاما.
اليوم، وفي ظل هذه الإدارة تجد القوى اليمينية والمتطرفة في كيان الاحتلال الإسرائيلي، مناخا ايجابيا لها يساعدها على تنفيذ وتطبيق توجهاتها التصفوية للقضية الفلسطينية.
اعتقد، أن القضية الفلسطينية، تعيش هذه الايام في مرحلة صعبة جدا، وحساسة.. فبالرغم من التأييد الدولي المتزايد للقضية وضرورة ايجاد حل عادل وشامل لها على اساس حل الدولتين، بحيث يؤدي إلى اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس والذي تجلى في تصويت الاغلبية في الجمعية العامة للامم المتحدة رفضا لقرار ترامب بشأن القدس، إلا أن الانحياز الاميركي السافر للاحتلال، وزيادة يمينية المجتمع الإسرائيلي، يساهمان بمفاقمة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة من خلال المزيد من الخطوات الاستيطانية ومحاولات تفريغ الاراضي من سكانها الاصليين.
يبدو، من الظروف الحالية شديدة الصعوبة، أنه لايوجد امام الشعب الفلسطيني وقواه وحركاته ومنظماته سوى المقاومة.. وما يحدث اليوم من انتفاضة القدس هي احدى تجليات هذه المقاومة التي لن تتوقف حتى تحقيق اهدافها بافشال المخططات التصفوية للقضية الفلسطينية.
الغد 2018-01-02