أين آبار عمان؟
لا أريد أن أتحسر على بنيتنا التحتية الهشة والملفقة، في عمان وسائر المحافظات، فقد صرنا نتوقع حتى ولو أمطرت الدنيا حفنة ماء أن تغرق طرقاتنا، وتتلعثم حركة السير وتتلبك وترتبك، وتتشقق شوارعنا وتظهر جلية أمانة ونزاهة مقاولون (شلفقوها) علينا، وتنفجر مناهل الصرف الصحي، وتتطاير أغطيتها.
ولهذا تمنيت ذات غرق على شركات السيارات العالمية، أن تصنّع لنا سيارات (برمائية) تفيدنا في مثل الطوافانات التي تشهدها شوارعنا مع كل شتوة، مع أن دولا كثيرة تتجاوز كمية أمطارها أضعاف ما يأتينا؛ تظل شوارعها جافة.
ما يوجعنا أكثر، أن تذهب هدراً كل هذا الأمطار المباركة، التي نحتاج إلى كل لتر منها، فنحن مهددون بالعطش وعلى حافته، فيا ترى كم ستجمع السدود منها؟!، هل ستجمع واحدا من مئة من مجموع كميات الهطول؟!، بل أقل بكثير من ذلك، وما يزيد تحسرنا وتوجعنا، أننا لم نركز على هذا الموضوع، فظلت كثير من مشاريع السدود المقترحة حبراً على ورق، ترحلها الحكومات المتعاقبة وتتلكأ في إنجازها.
مع الأسف، وهنا لب المشكلة، غالبية البيوت (خاصة في عمان) تربط مزاريب مياه الأمطار بمجاري الصرف الصحي، فتسبب مشاكل مضاعفة؛ وهنا سأسال: لماذا لا يكون في كل بيت أو عمارة بئر تجمع هذه الأمطار؟ لماذا نتغاضى عن هذا المطلب الاستراتيجي والحيوي؟!، ولماذا ترتضي أمانة عمان والبلديات بالغرامة المالية اليسيرة، إذا ما قورنت بكلفة حفر بئر، لدى أصحاب العمارات، الذي لا هم لهم سوى بيع شققهم بأسرع وقت؛ لغرس عمارات جديدة بلا آبار أيضاً. فهل هذا تواطؤ، أم قصر نظر؟!.
في الشتوة الماضية التي نحمد الله عليها، وقفت جوار عامل وافد في أمانة عمان، كان منهمكاً دون جودى بفتح (منهل) تصريف المياه؛ كي تغيض البحيرة الواسعة التي تشكلت في عرض الشارع، وبعد أن تمنيت له العوافي قلت: (العليق) ما بنفع عند الغارة!، يا صاحبي، فتبسم وكأنه لم يفهم المثل، فقلت: محاولتك لفتح المنهل عابثة، غير ذات فائدة الآن، تماماً كالذي يتذكر أو يفطن أن يطعم حصانه مع انطلاق المعركة، أيام كانت المعارك بالسيوف والأحصنة، الأصل أن تطعم حصانك من قبل؟، فأين كنت بالصيف يا عزيزي؟؟!، وهذا السؤال ليس لك بل للمسؤول.
الدستور 2018-01-07