هل هزمت الإنتفاضة الإيرانية ؟
كما كان متوقعا ، فقد قمعت سلطات الملالي المظاهرات الشعبية التي خرجت في عموم المحافظات الأيرانية ، لأنه من غير الممكن أبدا أن يسقط النظام بمظاهرات شعبية ما لم يتحرك الجيش أو يقع انشقاق كبير في الحرس ، وهو ما يبدو مستحيلا في ظل حكم عقائدي صارم .
ونقول إن هذا شبه مستحيل ، لأن ما يقرب من نصف مقدرات البلاد الإقتصادية تصب في أرصدة الحرس ورجاله ومريديه ، ولأن القائمين على الجيش هم نفس الأشخاص الذين هددوا بقمع المظاهرات في سابقة لم تألفها إيران ، بينما يذهب الفتات للإيرانيين الذين يشكون العوز والفاقة رغم ثروات إيران الضخمة .
لقد كفر المرشد كل المتظاهرين ، عندما أطلق عليهم " الخونة " وهي فتوى من أعلى مرجع ديني وسياسي في البلد وخارجها أمر من خلالها ضمنا بقمع الشعب حتى لو وصل الأمر إلى القتل ، وهو ما وقع فعلا .
ولأننا نتحدث عن نظام منغلق ، فإن النظام مستعد لتدمير مدن بكاملها ونصب مشانق للآلاف من المدنيين في عموم المحافظات ،إذا أخذنا بالإعتبار أن القومية الفارسية المحدودة العدد مستعدة لإبادة الكثرة الكاثرة من القوميات الأخرى بغية إخضاعها تماما كما فعل خامنئي وخادمه الأسد في سوريا .
وقد كشفت الثورة الشعبية الأخيرة هشاشة إيران من الداخل وفقرها وجوعها ومخدراتها ، وسلطت الضوء على خفايا لم تكشفها ثورة 2009 ، ويكفي ذعرا ملالي طهران أنهم لا زالوا يحجبون الفيس بوك والتويتر ويمنعون الساتالايت .
لقد أكدت الإنتفاضة الأيرانية الأخيرة بأن الشعب الأيراني بقومياته المختلفة يريد الحرية والإنعتاق من تخلف رجال الدين وتزمتهم وفتاواهم ، وإن إخماد الثورة الشعبية لا يعني أن النظام سيستمر إلى الأبد ، لأن إرادة التغيير لدى الشعوب هي الأقوى ولكن سيسقط على مذبح هذا التغيير آلاف الضحايا الأبرياء ولربما لسنوات عدة .
لقد أخمد الملالي بالقوة ثورة الشعوب الإيرانية ،وتواترت الأنباء المستقلة عن اعتقال عشرات الآلاف ، بعكس ما يزعمه الإعلام الرسمي وأبواقه وبمختلف اللغات ، ولكن النار ستظل تحت الرماد في انتظار عاصفة اقوى تقتلع أوتاد هؤلاء المتخلفين البدائيين وإن طال الزمن .
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز 2018-01-07