الكاسب من زوبعة (نار وغضب)
ألسنة اللهب التي نفثها مايكل وولف في كتابه الجديد المثير (نار وغضب) حتما ستكون برداً وسلام على دونالد ترامب وبيته الأبيض بكل طاقمه، ليس لأنه رجل إطفائي محترف بارع يستخدم تكتيك (النيران ضد النيران). بل لأننا اعتدنا على مثل هذا المعارك الزوبعية في عالم السياسية ودهاليزها، التي ما يلبث أن يهبط رمادها ساكنا باردا في قعر الفنجان.
العالم الشغوف بالتفاصيل والفضائح ولطخات السواد وبؤر التوتر سيتابع بفضول سحابة النار المرافقة لهذا الكتاب الخلافي الجدلي، حتى ولو لم يقرأه، أو يحصل على نسخة إلكترونية منه. فالرئيس رجل إشكالي متعجل منذ يومه الأول، سريع الاستدارة والانقلاب والانفلات، إي أن (ملحته على ركبته) كما نقول في مثلنا الشعبي. وهو بركان آيل للثوران في اي وقت.
يعتقد البعض أن الحقيقة المجردة ستكون هي الكاسب الأكبر في هذه المعارك النارية الغاضبة المتصارعة بألسنتها الطويلة المثيرة، وأن الكتاب سينال حظا وافراً بالانتشار والترويج، وسيخترق سقوف المبيعات الفلكية بظرف زمن قصير، أو أن كاتبه سيغدو نجماً بارقاً لامعا، سيهتدون الأمريكان بها إذا ما ادلهمت خطوبهم.
ويعتقد آخرون أن شركة أمازون، المروج الرسمي للكتاب، ستكون الرابح الأكبر من هذه المعمعية الدعائية التجارية التي تركب موجة الشغف في عملها، وأن الشركة ستستفيد من هذا المد الإعلامي لتسويق مزيد من النسخ حول العالم، وهذا المهم بالنسبة لها.
المعركة ستكون مكشوفة مفتوحة على كل الخيارات المتاحة للطرفين؛ فترامب يقول بأنه عبقري فذ ذكي، جنى المليارات من الدولارات، وفاز بالرئاسة من أول محاولة له بعد اجتياز مراحل كبيرة، فيما يقول خصمه أنه عاشره عن كثب ووجده معتوها ساذجا مزاجيا، وأنه يتصرف كطفل مدلل، لا يصلح أن يكون سيد البيت الأبيض. ويريد من الجميع أن يدوروا في فلكه ويسبحون بحمده.
سألتني طفلتي ذات العشر سنوات ببراءة وهي تتابع معي على الفضائيات زوبعة كتاب نار الغضب: بابا. ألا يستطيع الرئيس أن يمنع نشر هذا الكتاب الذي يشتمه وينتقده ويتهمه بالجنون؟ وهو قوي لديه زر نووي على سطح مكتبه؟ فهززت براسي ضاحكاً: هذا من بركات الحرية التي يحيونها ويعيشون تفاصيلها. والتي تخصب حياتهم وتعطيها معنى.
الدستور 2018-01-08