الأمم التي فقدت هويتها ومكانتها أيضاً
الدول الاوروبية منها ما يشكل قوى كبيرة عسكرية واقتصادية يركن اليها بما يجعل اصغر دولة اوروبية مسنودة ولها ظهر حماية وما يرفع من شأنها لمجرد انها اوروبية، فدول مثل روسيا والمانيا وفرنسا وبريطانيا ذات ثقل كاف لجعل كل الاوروبيين في حالة اعتزاز وانتماء لهويتهم الجامعة إن عبر اتحاد دولهم او بدونه، ويمكن القول ان الحالة الاوروبية فريدة كونها تطال القارة برمتها وهو الامر الذي لا ينطبق على غيرها من القارات الاخرى.
فرغم وجود دول أسيوية كبيرة ومؤثرة وحاضرة في المشهد الدولي الا انها لا تحتل مكانة الاجماع الأسيوي للتسليم بهوية أسيوية جامعة، كما ان التقسيم فيها الى شرق اوسط واخر ادنى وجنوبية شرقية ودول شمالها بقي بذات السوية غير الجامعة في المستويات كافة العرقية والدينية وما تحتويه من تشاركية حتى في اللغة والتاريخ. وهي كقارة كبيرة استمرت طويلا بحضور قوي عبر التاريخ لكنه زال الان واستقر لحال كل دولة على حدة في ضوء امكانياتها.
وحال امريكا الجنوبية لا يختلف كثيرا لجهة التشارك الجمعي وما يبرز هوية لصيقة إذ الامر فيه يقوم على البناء التاريخي للاستعمار الاسباني والبرتغالي وفشلت فيها محاولات جمعها كدول قارة واحدة في مسار التحرر وبقيت تفضل التبعية والتحالفات الخارجية، ولو ان جيفارا وكاسترو نجحا في مشروعهم الثوري التحرري لكان حالها ربما افضل من اوروبا.
امريكا الشمالية بظروف تحاكي الاوروبية عبر نظام الولايات والحالة الكندية في حين تتخذ استراليا وضع تاريخي مختلف، فيما تبقى القارة الافريقية على كبرها وما فيها من ثروات الاكثر اثارة لتأمل الانقسامات فيها والتنوع الذي بات مستحيلا معها جعلها بهوية جامعة الا من حيث مكانها الجغرافي فقط.
الحالة العربية الممتدة بين أسيا وافريقيا تكاد تكون قارة بمساحتها وعدد دولها وسكانها، غير ان كل ذلك لم يضف فرقا ولا جديدا عليها لحد ان الهوية العربية لم تعد جامعة كون الانتماءات مستقرة على القطرية والتنافس غير الشريف كما يجري الان، وهي على ما هي عليه مرشحة للهبوط اكثر نحو القاع ما لم يحدث انقلابا ما، ولا يختلف الامر ان اضيف اليها الدول الاسلامية من القارتين ايضا.
السبيل 2018-01-15