جمهورية عفرين

تم نشره السبت 27 كانون الثّاني / يناير 2018 12:13 صباحاً
جمهورية عفرين
د.باسم الطويسي

يلف الغموض العملية العسكرية التي بدأها الجيش التركي الاسبوع الماضي في شمال سورية نحو مدينة عفرين وجوارها، وتقول أنقرة إن العملية العسكرية تستهدف مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردي التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، بينما تردد وسائل الإعلام الكردية إن الحملة أسقطت قتلى وجرحى بين المدنيين، فيما تبدو مواقف العديد من القوى الدولية والاقليمية غامضة ومراوغة بين التأييد المبطن والدعوة الى ضبط النفس وابقاء العملية في حدود ضيقة.
وفي الوقت الذي يذهب الخطاب السياسي التركي الى ان العملية العسكرية ترمي الى حماية التراب الوطني السوري ومنع التفرد الكردي في المنطقة سربت المصادر التركية أنها ابلغت الحكومة السورية في دمشق بهذه العملية في حين رفضت الحكومة السورية ان يكون لديها اي علم مسبق بالعملية التي وصفتها بـ "عدوان وحشي". والمثير في الامر ان الروس قد سحبوا قواتهم القريبة من مواقع العمليات العسكرية واكتفوا بالإعراب عن قلقهم من فتح جبهة عسكرية جديدة، أما الولايات المتحدة التي احتفظت طوال معظم مراحل العمليات العسكرية في تاريخ الازمة السورية بدعمها المتواصل لوحدات حماية الشعب الكردي فقد اكتفت هي الاخرى بدعوة الاتراك الى ضبط النفس على الرغم من تصريح وزير الدفاع الاميركي ان انقرة ابلغت واشنطن بالعملية مسبقا. 
العملية التركية الجديدة التي اطلق عليها اسم  "غصن الزيتون" هدفها المعلن  إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كلم وهي في القراءة الاولى استمرار للاستراتيجية التركية التقليدية في منع الاكراد من تحقيق اي سلطة على الارض في مقابل الحدود التركية، وفي القراءة الثانية ترى وجهات نظر اخرى ان غصن الزيتون التركي ممدود هذه المرة الى دمشق وأن المهمة التي ينفذها الجيش التركي هي عربون بداية صفحة جديدة مع النظام السوري الذي بات من الواضح انه صاحب الكلمة الاخيرة في نهاية اليوم السوري الدامي الممتد منذ اكثر من ست سنوات. 
الاتراك يسيرون بعمليتهم العسكرية بطمأنينة وسط شبه تفاهم دولي على ما يجري، وهو ما تثبته تصريحات الرئيس التركي الاخيرة (الجمعة) والتي قال فيها ان عمليات جيشه سوف تستمر الى الحدود العراقية لتأمين حدود بلاده من التنظيمات التي وصفها بالارهابية، وعلى الرغم من الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها تركيا لمنع الاكراد من تحقيق اي مكاسب اقتصادية في عفرين وجوارها إلا أن المصادر التركية تتحدث عن أن سلطة الاكراد هناك تجني ملايين الدولارات يوميا من مصادر متعددة، ما مكّنهم خلال الفترة الماضية من خلق سلطة مستقلة بالمعنى الواقعي. 
تأتي هذه التطورات في سياق تفاهمات اكبر يبدو انها الساعة الاخيرة في الازمة السورية بعد الحديث عن الوصول الى صيغة لدستور سوري يسحب الكثير من الصلاحيات من منصب الرئاسة ويفتح المجال امام لامركزية واسعة في الاقاليم، هنا نفهم هذه التطورات في الصراع على  النفوذ الاستراتيجي على الارض؛ السؤال المهم هل يبقى تقاسم الادوار الناعم بين الروس وحلفائهم وبين الولايات المتحدة وحلفائها بالطريقة التقليدية وتحديدا بعد اعلان الادارة الاميركية مؤخرا رغبتها في الاحتفاظ بوجود عسكري طويل المدى في سورية، أم أن المدافع التركية تشير الى صيغ جديدة؛ لاحظنا ذلك في تحرير كل من الموصل والرقة، هناك قرابة ثلاثة آلاف جندي أميركي في شمال سورية الى جانب قوات سورية الديمقراطية، سيجد الاكراد انفسهم قريبا اقرب الى فكرة التعامل مع النظام في دمشق، ومع هذا من المتوقع ان تبقى القوات الاميركية لأطول فترة ممكنة لتشكل حالة ردع لكل من الاتراك والاكراد معا.

الغد 2018-01-27



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات