«الحريات العامّة» وفاروق الكيلاني
هناك أشخاص محترمون، لا يمكنّك إلاّ أن ترفع القبّعة حين تُذكر أسماؤهم، فهم الذين يشكّلون تاريخ النزاهة، ويُسجّلون في مسيرتهم كثير كثير العطاء، ولا يتوقفون مع أيّ طارئ، بل تكون المطبات أمامهم حافز الاستمرار.
ولا يمكن لأيّ قاض أو محام أو باحث عن العدالة في الأردن إلاّ أن يقف احتراماً للأستاذ فاروق الكيلاني، فهو الذي بدأ حياته قاضياً، وواصلها كذلك حتّى أعلى المناصب، حيث رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وقد أقصي من هناك لسبب قناعته بالحريات وأوّلها الصحافة والمطبوعات، والقصّة معروفة.
أيّ واحد مكانه كان سيرضى بالغنيمة بالإياب، والمكوث في البيت، لكنّه عاد محامياً، يُدافع عن قضايا موكّليه أمام قضاة كانوا تلاميذه، ولأنّه يحترم مهنته فلا يبخل بالقول عليهم: يا سيّدي، لأنّه يعتبر القضاء سيّده، ولأنّ العدالة هي عنوان حياته.
هو رجل لا يتكرّر إلاّ قليلاً، فالرجال في زمننا قليل، وهو شخص ينبغي للبلاد أن تحتفي به ليس لهذا كلّه، ولكنْ لأنّه لا يترك سنة تمرّ إلاّ وقد أصدر فيها كتاباً أو اثنين، وكلّها تتعلّق بالقضاء والنزاهة والعدل، وبالمهنية العالية المعروفة عنه، وتسجّل رفوف المكتبات له عشرات الكتب والدراسات والمناظرات.
“الحريات العامة”، كتاب (مجلد من ٧٠٠ صفحة) من عقل وفكر وتجربة أستاذنا العزيز فاروق الكيلاني، صدر قبل أيام في طبعته الأولى، فيا أيّها الرجل الكبير، كم أنت كبير؟ وكم لهؤلاء الصغار أن يقتدوا بك؟ ولك طول العمر، والحرية الكاملة.
السبيل 2018-01-28