مجلس النواب والفخ
الإعلام بتعامله مع مجلس النواب يقع في فخ أُعدّ بعناية؛ بعضهم يقع فيه متعمدا والآخر رغما عنه، وهذا ينطبق على الرأي العام كذلك.
يتعامل الإعلام والرأي العام مع مجلس النواب ككتلة واحدة، ويعتبر أن ما يصدر عنه هو بالضرورة رأي وموقف جميع النواب، فيقال إن مجلس النواب مرر أقسى موازنة في تاريخ الأردن، أو أن مجلس النواب أداة طيعة بيد الحكومة، أو أن أداء مجلس النواب ضعيف مترهل وغير ذلك من الأوصاف.
دستوريا وقانونيا فإن النواب متضامنون، والقرار الذي يصدر عن المجلس يتحمل مسؤوليته جميع النواب بلا استثناء، لكن التركيز على هذا إعلاميا يؤدي إلى عدة نتائج:
- وضع النواب الفاعلين والرافضين قرارات المجلس المؤيدة دوما للسلطة التنفيذية في نفس خانة النواب المطواعين ونواب «الألو»، وهؤلاء النواب الفاعلون والحريصون على مصلحة المواطنين تضيع آراؤهم ومواقفهم ومجهوداتهم في ظل التعميم الحاصل.
- التغافل عن النواب الذين أيدوا القرارات غير الشعبية، بحيث يستطيع هؤلاء إعادة إنتاج أنفسهم من جديد، بل إن بعضهم ينكر أنه أيد القرارات غير الشعبية.
- تجاهل دور رئاسة مجلس النواب في إنجاح قرارات السلطة التنفيذية غير الشعبية، من خلال رفع الجلسات أو إنهاء النقاش أو من خلال الاستعجال في النقاش أو طرح التصويت وعد الأصوات.
- تجاهل دور مجلس الأعيان في تمرير القرارات غير الشعبية، بل أحيانا يعمل مجلس الأعيان على إعاقة قرارات جيدة لمجلس النواب.
- تجاهل دور السلطة التنفيذية وقانون الانتخاب في مخرجات مجلس النواب، حيث تعمدا أن يتكون المجلس من غالبية لا تحمل أي انسجام مع بعضها البعض ليسهل السيطرة عليه.
- توجيه اللوم والنقد والهجوم دائما لمجلس النواب رغم أنه ليس صاحب القرار، فالحكومة هي من يصنع القرارات وليس مجلس النواب؛ صحيح أن مجلس النواب دستوريا يستطيع أن يوقف قرارات الحكومة، لكن هذا لا يعني أنها لا تتحمل وزر تلك القرارات. أنظر مثلا الهجوم الذي تعرض له مجلس النواب على إقرار الموازنة بما فيها رفع الأسعار، بعكس الحكومة التي هي صاحبة القرار أصلا، وهي الأولى بالنقد واللوم.
- أصبح مجلس النواب يعمل كمصد وواقٍ يتلقى الهجوم والشتائم بدل السلطات الدستورية الأخرى.
- دائما ما يحظى مجلس النواب بالشعبية الأدنى في استطلاعات الرأي، إلى درجة أن الرأي العام أخذ يصفه بصفات مقذعة ليس أقلها «لا بهش ولا بنش»، و»وجوده وعدمه سواء».
- انعدام هيبة السلطة التشريعية مقارنة بالسلطتين التنفيذية والقضائية، ومقارنة بأجهزة الدولة الأمنية.
وعليه لا بد من التمييز ونحن نتابع أداء مجلس النواب بين مواقف النواب، وإبراز مواقف النواب الرافضين هيمنة السلطة التنفيذية على مجلس النواب، وكشف مواقف النواب الداعمة دوما للقرارات الحكومية غير الشعبية، حتى تتوجه ردات الفعل الغاضبة تجاه النواب الذين استمرأوا «البصم».
السبيل 2018-01-29