عن نقل مصانع صواريخ إيران من سوريا إلى الضاحية
تنشط إسرائيل هذا الأوان ، وأكثر من أي وقت مضى ضد التواجد الإيراني في سورية ، ويبدو أنها نجحت في إبطاء وتيرة إقامة مصانع صواريخ إيرانية في هذا البلد الذي بات محتلا من قوى إقليمة وعظمى .
وإذا كان هناك شبه إجماع على أن مؤتمر سوتشي الأخير ( سوتشي بالمناسبة مدينة شركسية مسلمة تدعى " تشاشا " احتلها القيصر الروسي في القرن التاسع عشر بعد أن أباد نصف أهلها وشرد البقية الباقية منهم إلى الدولة العثمانية ) .. إذا كان سوتشي فشل في هدفه فشلا ذريعا ، فإن زيارة نتنياهو الأخيرة أرادت أن تقول للروس : بأنهم موجودون وبقوة ، وأن بإمكانهم قلب الطاولة ، وسبق زيارة نتيناهو تصريحات إسرائيلية قال مطلقوها : " إن على الروس عدم إسقاط طائراتنا لنتجنب إسقاط طائراتهم ، وإن أمرا كهذا بحاجة إلى تأكيد ما اتفقنا عليه سابقا ، حيث لا مزاح حيال تواجد الحرس الثوري على الحدود وجنوب سوريا بشكل عام ".
ولقد تواترت الأنباء التي تحدثت عن أن نتتنياهو لم يعد من موسكو بخفي حنين ، إلا أن ما كشفته بعض المصادر الإستخبارية الأسرائيلية ، وكشفته مواقع عبرية هو أن الأيرانيين تنبهوا إلى أنه ليس بإمكانهم منع إسرائيل من قصف مواقعهم ومصانعهم في سوريا ، ومن أجل ذلك فإنهم بدأوا بتسريب هذه المصانع إلى لبنان ،حيث لن يكون سهلا على الأسرائيليين قصفها بالطائرات لأسباب ذات صلة بالعلاقات الدولية ، وإن كانت إسرائيل لا تعير ذلك كثير اهتمام ، ولكنه محرج على كل حال ، ولعل ذلك هو ما حدا بوزارة الدفاع الإسرائيلية إلى البدء بإنتاج صواريخ عالية الدقة بمدى يصل من 150 - 300 كيلو مترا بشكل أولي ، وهي صواريخ تقول إسرائيل بأنها ستغني عن الطلعات الجوية وبإمكانها " هدم أي طابق في أي بناية ببيروت كما تفعل الطائرات تماما " وفق بعض تعليقات ضباط وخبراء .
ولا يجب أن يفهم الرفض الإسرائيلي للتواجد الأيراني على أنه صراع وجود بين الطرفين ، بل هو صراع مصالح ونفوذ قد يفضي إلى فتح سفارات بينهما إن تم التوافق عليها ، ففي سجل الطرفين صفحات ذهبية من العلاقات المتميزة حتى في ظل وجود الخميني إبان الحرب العراقية الأيرانية ، حينما توجت العلاقة بصفقات أسلحة وصور أقمار صناعية وخلافها ، وتجلى عمق العلاقة بينهما في احتلال العراق ، حيث سلمت الولايات المتحدة هذا البلد للأيرانيين بمباركة تل أبيب التي تعتبر أن العالم السني هو الخطر الحقيقي عليها وليس جعجعات الملالي ، ولقد رأينا كيف أن الحشد الشعبي المدعوم من إيران كان يقاتل في العراق تحت غطاء جوي أمريكي .
وعطفا على ما سبق ، فإننا نشاهد ونرى سباقا محموما بين مختلف القوى الدولية في سوريا للوصول إلى أهداف بعينها ، وهو أمر مؤلم ومحزن ، حيث إن كل هذه الصراعات يدور رحاها في بلاد عربية باتت محتلة سواء من قبل الولي الفقيه الأيراني ، أو الدب الروسي ، أو راعي البقر الأمريكي ، أو السلطان التركي ، أما العرب ففي مأتم دائم وعلى رأي فاضل عواد : لا خبر لا جفية لا حامض حلو لا شربات " .
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز 2018-02-04