تجاهل الدولة لاحتجاجات الكرك
خطأ جسيم ارتكبته الدولة حين قررت تلّزيم ملف الاحتجاجات في الكرك الى مدير قوات الدرك المحترم، فهذه رسالة مفادها ان احتجاجاتكم ستظل تعالج بالمستوى الامني او حتى بمستوى امن الشارع والممتلكات العامة.
او هي رسالة بأن الدولة لا تملك في جعبتها حلولا لمطالب الناس الاقتصادية، هناك عجز في تقديم المقاربات، او هناك عناد ومكابرة وحالة انكار شديدة.
في 1989 انطلقت احتجاجات تشبه في بنيتها وجغرافيتها واسبابها الاحتجاجات الحالية، لكن الفارق ان الدولة تعاملت معها بجدية وبمستوى سياسي مرتفع.
كلنا يذكر في حينها، زيارة الأمير الحسن العاجلة الى الجنوب، وقطع الملك حسين زيارته واشنطن عائدا وزائرا لمناطق التوتر، ومن ثم اتخاذه القرار برحيل الحكومة وانطلاق قطار الديمقراطية.
لم تتراجع الدولة في حينها عن كل اجراءاتها الاقتصادية، لكنها سمعت الناس، واطاحة بحكومة الافقار في حينه، واستبدلت بعضا من النهج الحاكم الذي اوصل البلاد للمأزق الاقتصادي.
ادرك ان الفوارق موجودة بين الزمانين، رجالا وظروفا، ولعل تجربة ادارة الدولة لاحتجاجات الربيع العربي، اوهمتها، انها قادرة على التحكم بأي تظاهرات اخرى وفق منطق الاممنة دون السياسي.
الناس غاضبة لأجل قوت عيالها، منفعلة اقتصاديا، متضررة، المستقبل امامها ضبابي، تحتاج الى من يحتويها، لا الى من يقول لها اتصلي بالامن فعنده الجواب الشافي، اخشى ان تتراكم كرة الثلج ونندم بعد فوات الاوان.
ادعو مطبخ القرار ان يلتفت بموضوعية ووطنية لهذه الاحتجاجات، وان لا يسرف في الاعتماد على المجهود الامني، فالاقليم يموج برائحة الحرب، ومصلحتنا ان تكون الجبهة الداخلية على وئام شديد بالحب والتفهم والتشاركية، لا بالعصا والانكار والتجاهل.
السبيل 2018-02-12