سَلِمتْ الأيدي
منذ السبت لم تعد الأجواء ملكا للكيان الصهيوني؛ يفعل بها ما يريد، ويمارس همجيته كما يريد، كما لم يعد بمقدور طائراته وطياريه الخروج للجو وكأنهم في نزهة، اذ بات عليهم العد للعشرة، ومعرفة أن خرق أجواء دولة ثانية يعني ردا من تلك الدولة على تلك الخروقات، وأن الطيارين الذين سيقومون بذلك قد لا يعودون، وأن الطائرات التي تغير وتقصف أهدافا مهما كان نوعها في دولة أخرى قد لا تعود هي أيضا.
كان والدي رحمه الله يقول "أول الرقص حنجلة"، وأعتقد أن الكيان الصهيوني قد وصلته الرسالة وبات يعرف أن الأمور تبدلت، وأن الدولة التي لها ما يقرب من 7 سنوات في حرب مع قوى الارهاب والتطرف المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة ودول اخرى قادرة على الرد أيضا، وقادرة على حماية أجوائها من العدوان، وأن استغلال الحرب وانتهاك الأجواء كما كان يحصل سابقا لا يمكن أن يستمر لاحقا، وأن العين بالعين والسن بالسن، وأول الرقص سيكون حنجلة والقادم أفضل.
الرسالة أكثر من واضحة، فإسقاط "إف 16" والتي تعتبر أكثر مقاتلات الجيل الرابع تطورا على مستوى العالم من خلال صاروخ روسي الصنع يعود للحقبة السوفيتية القديمة وتحديدا لأوائل العقد الثامن من القرن الماضي، يحمل في طياته أسئلة لا منتهية، إذ إن اسقاط طائرة حربية بصاروخ من منظومة "إس 200 " الروسية الصنع، كفيل بجعل الكيان الصهيوني يعيد التفكير في قوته وقدرته الجوية، ويعيد التفكير بأن فكرة فرض هيمنته الجوية على أجواء المنطقة بات بعيد المنال، وأن هناك قوة مقاومة ما تزال تعتبر الكيان الصهيوني محتلا لأرض عربية يتوجب ازاحته عنها، وطرده منها، وأن الجيش السوري الذي أدخله الغرب وبعض العرب في حرب طاحنة لمدة 7 سنوات ما يزال يحتفظ بعقيدته القتالية وروحه المعنوية، وما أكتسبه هذا الجيش طوال سني الحرب بات يؤهله لمواجهة جيوش نظامية وليس عصابات مسلحة.
الموضوع ليس تهليلا وترحيبا بسقوط طائرة معتدية صهيونية "إف 16"، وإن كان الحدث بحد ذاته يستحق أن نهلّل ونرحب به، سيما وأن الطائرات الحربية الصهيونية اعتادت على اختراق الاجواء العربية دون ان تشعر بالخوف، وكيف لا وهم يخترقون اجواء لبنان بشكل يومي، وسبق لهم اختراق اجواء اليمن والسودان وتونس ونفذوا عمليات اغتيال، وكذا اخترقوا اجواء دول عربية كثيرة دون ان يلحقهم أي ضرر، او يشعروا بالخوف من الرد.
اليوم الأمور واضحة، وأصبح الجميع يعرف أن المعركة الحقيقية هي بين كيان صهيوني يحتل الارض ويقتل البشر ويدنس المقدسات ويعتدي على الأقصى والقيامة، وبين قوى مقاومة ما تزال بوصلتها تشير للقدس وفلسطين، وأن البوصلة تلك التي أراد بعض العرب حرفها عن هدفها ما تزال ثابتة مستقرة، وأن أولئك الذين صمتوا طويلا على خرق أجواء سورية من قبل الطائرات الصهيونية وضرب اهداف في الارض السورية دون ان يخرجوا ويدينوا تلك الاجراءات بات عليهم ان يصمتوا للأبد، ويعرفوا ان الكيان الصهوني البعبع الذي كانوا يخافون منه يمكن ان تسقط طائراته، وان يهزم مجددا كما هزم في لبنان ذات حرب.
أما أولئك الذين حادت بوصلتهم منذ زمن، ودخلوا في تعاون استراتيجي مع الكيان الصهيوني وذهب بعض الإرهابيين الذين اخترقوا أمن سورية للطبابة في الارض المحتلة ونقصد هنا جبهة النصرة الارهابية والجيش الحر المتواطئ مع الإرهابيين والمحتلين والقتلة، فإنه بات عليهم أن يصمتوا أيضا، وأن يعرفوا أن رد المقاومة والجيش العربي السوري حقيقي، وأن تمثيليات هوليود التي كان ينفذها الجيش الأميركي معهم في مواقع كثيرة لإيهام العالم بمحاربة الأميركان للإرهاب لا يمكن أن تتكرر، وأن ما فعلوه بإرادتهم لا يمكن للأشراف القيام به.
الغد 2018-02-12