تعديل اليوم ...
الخطوة السياسية الادارية المهمة التي تتخذها الحكومة اليوم نحتاجها وتحتاجها الحكومة أيضا، وقد سبق لنا وأن تحدثنا بأنها تأتي على درجة ما من الإستحقاق، وكان يجب اتخاذها بعد الإنتهاء من انتخابات اللامركزية قبل أشهر، لكنها وكما يقال أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي أبدا.
لا معلومات كثيرة حول شكل التعديل على الحكومة ولا على عدد الوزراء، وهذه نقطة تسجل للملقي الذي يتعامل بمنتهى السرية مع هذا الإجراء المهم على حكومته، فلا أحد من القادمين على الحكومة يعرف أكثر مما يتعلق به، لكن بغياب المعلومة ازدهرت الإشاعة في اليومين الماضيين، وأنطلقت بورصة الأسماء لكن دون خبر يقين.
قدوم احدى الشخصيات المخضرمة نائبا أول للدكتور الملقي تنتفي «ضلالة» حديث رافق تشكيل حكومتي الملقي، انطلق صامتا في الصالونات والمجالس الخاصة، وقدم وقودا إضافيا لماكنة الإشاعة «الصامتة»، فلا إقصاء ولا تهميش يعتمده الملقي في إدارته للشأن العام، لكن الرجل يتصرف بوحي من قناعته، ويناور في الساحة التي يسيطر عليها ولا يغامر او يناور، وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام عليه رئيسا لحكومتين، من المنطقي أن تتسع هوامش مناورته، ويتوسع في خياراته الى الحد الذي يجعله يوزع بعض المهام التي كان يقوم بها وحده، وحين يحمل احد عنه بعض الأعباء سيحظى وتحظى الحكومة بفرصة أخرى لبناء ثقة مع الجمهور.
الملامح الرئيسة التي تستدعي التعديل على حكومة الملقي قد تعتمد على الأشخاص الأعضاء الجدد في الحكومة، لكنها قبل ذلك وبعده لا علاقة لها بالشخصنة، إنما المطلوب أداء حكوميا قويا عامرا بالإنجاز وشفافا مسؤولا يصل الى الجميع بوضوح، ولا يعاني التكتم والتعتيم وعدم مراعاة حق الناس في أن يعرفوا الحقائق مهما كانت قاسية.
القصة الأهم لا تكمن في التعديل فقط، بل أيضا هناك حقائق في الشارع، يستغلها بعض المنكفئين عن المنطق، ويعتقدون أن تعديل الحكومة جاء إنصياعا لمطالباتهم الخارجة عن المألوف، وينفلتون؛ الى الحد الذي يهدد بتقويض تماسك ووحدة الصف وزراعة الفوضى، حين يتجاوزون كل السقوف والمنطق وقبلهما يقفزون فوق حقوق الأردنيين بوطن آمن وفوق القانون والدستور والتاريخ الأردني الناصع، هؤلاء مكمن خطر حين يتفردون بخطاب منفلت دون رد حكومي أو شعبي مقنع، ولعل هذا أهم ما يمكن أن نطلبه من الحكومة ومن الشعب الأردني قبلها، بأن الأردن الصامد الصابر القوي لا يمكن أن نضعه رهنا لمزاج متآمر ، نجح في تقويض بلدان حولنا وتدميرها الى الحد المؤسف، الذي باتت معه تحتاج الى 100 عام لتعود كما كانت.. هؤلاء يلعبون بالنار ويقامرون بأمنهم وأمننا واستقرارنا، حيث لا تنفع الأموال ولا «الزعامات» حين نفقدها لا قدّر الله.
يجب أن تطوي الحكومة صفحة التعديل سريعا، وتلتفت الى الشأن العام، وتقدم الخطاب الرسمي المبني على الحقيقة والمعلومة الدقيقة دونما فتح المزاد للمنحرفين والمنجرفين، كي يبددوا ما عمره الأردنيون على امتداد 100 عام من الصبر والمثابرة .
لا تصمتوا عنهم، ولا تسمحوا لهم بهدم المعبد فوق رؤوس العابدين الأردنيين الشرفاء.
الدستور 2018-02-25