السطو على أقوال مأثورة!.
هناك من عرب هذا الوقت الرمادي من يرددون عبارات شهيرة لسعد زغلول زعيم حزب الوفد في مصر وقائد ثورة 1919 ، ومن تلك العبارات ما فيش فايدة ،غطيني ياصفية، لكنهم يذكرون مبتدأ الجملة وينسون خبرها على طريقة لا تقربوا الصلاة ، فالزعيم زغلول لم يقل غطيني يا صفية ثم يخضع للامر الواقع، بل استمر في نضاله حتى الرمق الاخير، ومنزله في القاهرة تحول الى متحف قومي واصبح اسمه بيت الامة، فالثوار والاحرار في كل القارات وعبر كل الازمنة تأتيهم نوبات غضب وشيء من اليأس عندما يضيقون بلامبالاة الناس او بعدم ادراكهم لما يجري تحت اقدامهم.
لكنها نوبات عابرة، سرعان ما يعودون بعدها الى اقلامهم او بنادقهم، ويواصلون مسيرتهم نحو أنبل ما عرف التاريخ البشري من اهداف وهو الحرية، التي من دونها يفقد الادمي معنى وجوده وامتيازه التاريخي.
ومن المعروف ان سعد زغلول رفض الانحناء امام ملكة بريطانيا عندما كانت امبراطوريتها لا تغيب عنها الشمس وقال عبارته الخالدة، وهي انه لو حاول الانحناء لشد الملايين من ابناء وطنه معطفه الى الوراء!.
ان من حق الانسان ان يتعب؛ لأنه من لحم وعظم وليس من فولاذ، ومن يزعم انه معصوم من التعب او نوبات الضجر واليأس ليس صادقا، لكن قيمة الادمي وعصيانه النبيل على تعاليم القطعنة وثقافة الاستبداد تكمن في ان يكرّ ويفرّ وله استراتيجية هدفها الاستمرار، لهذا على من انسحبوا مبكرا من الحلبة وعادوا من اول الطريق ان لا يستخدموا اقوالا وعبارات قالها سواهم من فرط الجدية والنضال، على طريقة الحق الذي يراد به باطل!
والفارق بين من يتدفأ ويقشر البطاطا او الكستناء المشوية وبين من يرمم السقف المهدد بالسقوط تحت المطر والعواصف هو ذات الفارق بين الفاعل والمفعول به في مجالات الحياة!.
الدستور 2018-02-28