هذا الرئيس!!
نجح بالفهلوة والفلوس، وبالخطأ القاتل الذي ارتكبه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي عندما فتح الباب ثانية وفي أواخر الحملة الانتخابية على رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية.
ولأنه لم يتوقع الفوز فإنه لم يصدق لبرهة الإعلان عنه. ولأنه من خارج النظام العام، فقد أخذ يتصرف كالفيل أو الثور الهائج، أو المصارع في حلبة، فأبطل كثيراً من التقاليد الرئاسية بعد فوزه. وقد صعق نجاحه النسوة (19 امرأة) اللواتي كان قد تحرش بهن، ولكنه أنكر ذلك وتفنن بالسخرية منهن، ومضى وكأنه لم يفعل شيئاً على الرّغم من التسجيل الذي فضحه وتوارد الفضائح الجنسية بعده، بينما سقط كل مسؤول في إدارته وفي غيرها إذا اتُهم بالتحرش أو بالإساءة الجنسية.
وكأن هوايته الكذب واللعب والانتهازية واللغة السوقية التي أشاعها في المدرسة فقد صار الأطفال يرددون على ذويهم ومعلميهم ومعلماتهم بأن الرئيس يستخدمها عندما يلفتون نظرهم إلى العيب فيها.
وفوق هذا هو عنصري حتى النخاع وأقرب إلى النازية والكوكلكس كلان منه إلى رئيس دولة عظمى تدّعى أنها تدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. وتتجلى عنصريته في تقييد الهجرة وفي العمل المستمر لإزالة إرث أميركا لأنه أسود فقد كان من الجماعة التي أنكرت ولادته في أميركا.
وهو كذلك صهيوني إسرائيلي الهوى والثقافة والسياسة والاستراتيجية، وقد أكد ذلك بالاعتراف بالقدس بشقيها عاصمة لإسرائيل وبنقل السفارة الأميركية إليها، وتعيينه ابنته وصهره اليهوديين مستشارين كبيرين له. وهو أيضاً يعتبر نفسه مديناً لكل من أسهم مالياً في حملته الانتخابية وعلى رأسهم جمعية البندقية التي يفتك سلاحها بالأميركيين كل يوم، فقد وصف نفسه بأنه صديقهم وبطلهم، لأنهم تبرعوا لحملته بأكثر من ثلاثين مليون دولار.
إنه جامع لكل المتناقضات، وسعيد بالعيش معها عن ذكاء وليس عن غفلة أو قلة عقل كما يدعون، وقد أعاد بناء إمبراطوريته العقارية بهذه الشخصية، أكثر من مرة بعد انهيارها.
وهو أيضاً رجل شارع أو زعيم عصابة أو بلطجي ولذلك تراه يرد على أي شخص ينتقده وبأبشع الردود والأوصاف والألقاب، وبخاصة ردوده على زعيم كوريا الشمالية.
وهو كذلك سطحي الثقافة، ولا يملك فهماً عميقاً للتاريخ أو للوضع الدولي، وإلا ما اندفع يلغي اتفاقيات أميركا الثنائية والثلاثية والدولية.
يصفه بعض المعلقين الأميركيين بالمختل عقلياً وكأن المصح لا البيت الأبيض هو مكانه، فيرد عليهم إنه العبقري المستقر.
إن جملة كبيرة من الشعب الأميركي تستحي به رئيساً. إنها تراه عاراً على أميركا ومع هذا تجد ملايين من هذا الشعب الساذج أو المستلب الوعي معجبين به شكلاً وخطاباً وسياسة. إن جزءاً كبيراً آخر يرى أنه إذا حل نائبه بنس محله بمحاكمة أو اغتيال، فإنهم سيبكون على أيامه: "هو يؤمن بخلق العالم في ستة أيام، وليس بالنشوء والارتقاء. هو لم يسمع بأنه يمكن التسوية بين الأمرين. من ناحيته، ليس هناك بالضرورة برهان قاطع على أن الكرة الأرضية مدورة، ولا يوجد أي دليل على وجود احتباس حراري عالمي. على الإجهاض أن يكون محظورا وغير قانوني، وكذا الزواج المثلي. وهو لن يكون وحده مع النساء في غرفة واحدة، إلا إذا كانت زوجته إلى جانبه". هذا ما وصفه به ألون بنكاس في جريدة يديعوت أحرنوت.
الغد 2018-03-02