كيف نوقف منتحراً؟

تم نشره الثلاثاء 06 آذار / مارس 2018 01:00 صباحاً
كيف نوقف منتحراً؟
رمزي الغزوي

فسرت واحدة من المذيعات ظاهرة تزايد عدد المنتحرين بشغفهم ومحبتهم للاستعراض، وإنهم فقط يتوقون لجذب الانتباه إليهم: عظم الله أجركم!. فلو انتحر أحد بسبب هذا التبرير الحلمنتيشي لما لمناه. 
هذه الصبية لا تفرّق بين من وجدوا جثته وزبد السم متيبس على شفتيه، أو معلقاً بحبل، أو بمسدس في يده المفتوحة. أي هي لم تفرق بين من غدا في الغيب، وبين المحاول للانتحار في زحمة الناس.
المؤمن بنظرية الاستعراض هذه كأنه يقول، إن المنتحر يرغب أن يرى نفسه ميتاً، أو يحتاج معرفة ردة فعل أهله وأصدقائه وزملائه، وحجم النقص المترتب على حياتنا السريعة بغيابه. 
نعلم أن من يريد الانتحار جازماً لن يصده أحد؛ فنحن نتفاجأ بالمنتحرين، ونندهش كيف يخبئون ذلك الإصرار على إنهاء حياتهم، مع ما يبدو عليهم من حياة طبيعية، لا تنبئ بقاتل جسور مخبوء تحتها.   
كان على تلك الشابة أن تقول إن جلّ المحاولات الفاشلة، الفاشلة فقط، تنبع من رغبة في الاستعراض ولفت الانتباه. فالناوي لا نقدر صده، أما المستعرض والممثل، فشرطي مرور قد يعيده إلى رشده، أو بعض المارة المصادفين عن سياج الجسر. 
المحزن أن لا أحد قدم لنا نظرية يقينية عن معنى النقطة التي يصلها المنتحر لحظة انتحاره. ولهذا لدينا فرضيات متنوعة حول الموضوع؛ الفقر والضنك والبطالة نظرة مرفوضة تماماً؛ لأننا نرى منتحرين من كل الطبقات والمستويات والثقافات.
نحتاج أن نعلي شأن الحياة، نعمق فهمنا لمعانيها، نغرس في أبنائنا وطلابنا حبها وسعينا لها ما استطعنا السبيلا. نحتاج للترويج أن السعادة في الطريق، لا في الوصول والقمم. وأننا سنواجه مصاعب نتمتع بدحرها. نريد أن نغرس فيهم روح التحدي.
الأهم أن نشيع ثقافة أن جماليات الحياة ليست دوماً في الأشياء الكبيرة، ولا في تحقيق عظائم الأحلام. السعادة في أشياء صغيرة؛ وردة شقت إسفلت الشارع، في شجرة فتتت جلموداً بأناة، السعادة لون الشفق بعد الغروب، تلمس ندى العشب وجه الصبح، بوح الفجر وهدوء الطرقات. زغردة المزاريب في كانون، وحيتان الغيوم السابحة في زرقة السماء.    
نحتاج أن نوحي لهم، أن السعادة والحياة قد تكون في ضحكات أطفال، في الأكل على جوع. بمهاتفة صديق يحسبنا نسيناه. نريد أن نعلمهم أن يبتسموا مهما كانت الظروف. نحتاج أن نبني ثقافة حب الحياة والحث عليها، كي نقدّر قيمتها، فلا نهدرها.

الدستور 2018-03-06



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات