المرأة الأردنية: خطوة للأمام خطوتان للخلف
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، هناك ما يستحق الفخر والاعتزاز بنساء الأردن في كثير من المجالات. لقد استطاعت المرأة الولوج إلى كل صفوف الحياة العملية والاقتصادية والأكاديمية. ولدينا من المتميزات في كل المجالات، وأثبتت التجربة أن المرأة قادرة على التغلب على الصعاب والعقبات التي يضعها أمامها المجتمع والأسر.لا بل أكثر من ذلك، فحين تعطى المرأة الفرصة المتساوية مع الرجال، فإنها قد تتفوق على الرجال في مجالات عدة.
الأمثلة كثيرة على تميز المرأة وإنجازاتها وإبداعاتها: أكاديمياً واقتصادياً وإعلامياً وفنياً.
إن تقدم المرأة لا يعتمد عليها فقط، وإنما أيضاً على المجتمع وقوانينه واقتصاده وقيمه، فهو إما يزيل العقبات أمام المرأة أو يكرسها.
فبالرغم من التميز والإنجاز الذي حققته المرأة بالأردن، إلا أنه ما تزال هناك مجالات لم تحرز المرأة فيها تقدماً أو حصل فيها تراجع في الحياة العامة.
القضية ما تزال تشكل معضلة للمرأة الأردنية لا بل للمجتمع الأردني، فتدني نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية ومشاركتها بسوق العمل ما تزال تشكل معضلة لتقدم المرأة. ويدرك المتابع للإحصاءات المرتبطة بالوضع الاقتصادي للمرأة أن مشاركة المرأة في سوق العمل ماتزال تراوح مكانها منذ عقود، وكل البرامج والخطط وورش التمكين الاقتصادي لم تستطع أن تغير شيئاً في الصورة الكلية للمرأة. فمن كل 100 شخص هناك فقط 14 امرأة. هذه النتيجة تضع الأردن في ذيل قائمة الدول عالمياً وحتى إقليمياً. وإذا ما أضفنا لذلك معدل البطالة للإناث، فالصورة تصبح قاتمة أكثر، إذ إنها ضعف معدل البطالة لدى الذكور، وأن أكثر من 60 % من المتعطلات عن العمل هن من حملة الشهادات الجامعية (البكالوريوس).
إن التقدم الكبير الذي أحرزته النساء في مجال التعليم لم تتم ترجمته كمكاسب في العمل أو الحياة العامة للمرأة.
والجانب الآخر الذي يعكس تراجعاً في وضع المرأة هو العنف الموجه ضدها، سواء كان ذلك داخل الأسرة أو خارجها، إذ تؤكد مؤشرات دائرة الاحصاءات العامة وبيانات وزارة التنمية الاجتماعية على تزايد حالات العنف ضد المرأة وبخاصة الجسدي منه.
كذلك الحال بالنسبة للتشريعات التي تم عليها تطوير كبير باتجاه إنصاف المرأة، لكنّ هناك تراجعا في بعض المجالات سواء في القانون نفسه أو في الممارسة. وإذا ما أخذنا زواج القاصرات كمثال قد تتضح الصورة. فبالرغم من أن القانون حدد السن القانوني للزواج بـ 18 سنة، إلا أنه ترك المجال لمجموعة من الاستثناءات التي تفسح المجال لتجاوز القانون وإبطال مفعوله عملياً، إذ تشير البيانات على مدى سنوات عدة أن نسبة زواج القاصرات تشكل ما يقارب 14 % من كافة عقود الزواج، والنتائج المترتبة على ذلك معروفة للجميع.
اليوم العالمي للمرأة مناسبة ليس فقط لتهنئة المرأة في عيدها، بل لإجراء مراجعة لواقعها. إن قضية المرأة لا تخصها وحدها، بل هي قضية مجتمع، فقد أصبح تقدم المجتمع ونماؤه وازدهاره يقاس بتقدم المرأة.
قد نكون بحاجة لمراجعة شاملة لواقع المرأة بعد كل التطورات التي حصلت بالأردن، وبخاصة مسألة اللجوء السوري والأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. هذه المراجعة يجب أن تكون مدخلاً لإعادة قضايا المرأة على سُلم أولويات المجتمع، حيث تراجع الاهتمام الحقيقي بقضايا المرأة، ولم تعد على سُلم أولويات السياسة العامة.
الغد 2018-03-08