الجالية المقدسية في القدس
الذي تفعله اسرائيل في القدس، وصل الى مراحل غير مسبوقة، آخرها التهديد الفعلي للمقدسيين ولسكان المدينة من الفلسطينيين بسحب اقاماتهم، ومنح الصلاحية لوزير الداخلية.
الكنيست اقر مشروع القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، والمشروع يعني فعليا، تهديد كل الفلسطينيين في المدينة، والرسالة هنا، واضحة كما الشمس، اذ ان كل من يقوم بعمل ضد اسرائيل، وسواء بقي على قيد الحياة او استشهد في القدس، فسوف يتم اتخاذ اجراءات ضده، اضافة الى السجن وهدم البيوت، في حال بقي على قيد الحياة، وهذه العقوبة، هي سحب الاقامة، وطرده الى الضفة الغربية او غزة، والصلاحية قد تتمدد نحو كل افراد عائلته، بمعنى ان التهديد اليوم، بات جماعيا.
سابقا كانت اسرائيل تتخذ اجراءات مثل معاقبة الشخص في حال قيامه بأي فعل ضد اسرائيل، او هدم بيت عائلته، او التحقيق مع كل افراد العائلة، لكن مايجري اليوم، جعل كل العائلة مرتبطة بمصير الشخص المستهدف، اضافة الى ان هذه الصلاحيات، قد يتم استعمالها لاي سبب تافه، قد تراه تل ابيب انه يهدد امنها، حتى لو لم يكن عملا ميدانيا، بل قد يتم اعتبار التظاهر لاحقا، او اي شكل من اشكال التعبير، سببا لالغاء الاقامة، وفقا لما تريده الحكومة الاسرائيلية.
سوف نسمع لاحقا، عن عمليات سحب اقامة، بشكل تدريجي، وعلى الاغلب فإن الحكومة الاسرائيلية سوف تتعمد توظيف هذه الصلاحيات، لايصال رسائل اضافية، ولبث الخوف بين المقدسيين، ولربما تكون هناك قوائم جاهزة، لدى اسرائيل.
كثرة لاتعرف ان المقدسيين وكل من يعيشون في المدينة، يحملون في الاساس بطاقات اقامة لمدة عشر سنوات، وقد قامت اسرائيل على مدى سنين متواصلة بسحب الاف الاقامات لمغتربين او لمقدسيين انقطعوا منذ فترة عن زيارة القدس، كما ان ان اسرائيل قامت في حالات معروفة، بترحيل مقدسيين من القدس الى الضفة الغربية او غزة، مثلما قامت بترحيل عدد من ابناء الضفة الغربية الى غزة، وواقع الحال يقول ان الاجراءات الامنية التعسفية تشتد يوما بعد يوم.
ما تريده اسرائيل في القدس حصرا، تحويل الفلسطينيين في المدينة الى مجرد جالية في مدينتهم، جالية هادئة ساكنة، لاتجرؤ على فعل اي شيء خوفا على الاقامة، وخوفا من تطبيق هذه العقوبة على افراد آخرين في العائلة، وهو قانون يصب في ذات البئر التي تصب فيها سياسات الضرائب، ضد اهل القدس، وسياسات الملاحقة الامنية، ومحاولات نشر المخدرات، او التجنيد لصالح الاجهزة الامنية التابعة للاحتلال، فوق مانعرفه كلنا، من شيوع للبطالة، وهدم البيوت، او فرض غرامات كبيرة جدا عليها، جراء البناء دون رخص تمنحها بلدية الاحتلال، مقابل رسوم تعجيزية.
كل يوم تشرق فيه الشمس على القدس، تواجه المدينة وضعا اصعب، وهاهو قانون الكنيست يشرعن لوزير الداخلية، ويقدم تغطية قانونية فقط، لطرد المقدسيين، والغاء اقاماتهم، بما يعنيه ذلك على كل المستويات، اجتماعيا واقتصاديا.
هذا زمن لم يعد الكلام فيه، نافعا ابدا، ولعلنا نشعر بأسى شديد ازاء غياب قضية القدس، بكل ماتعنيه بنية المدينة اجتماعيا واقتصاديا، خصوصا، حين تدرك اسرائيل ان الحل الوحيد المتاح امامها، هو اضعاف السوار الاجتماعي الذي يحمي المدينة والمقدسات، تمهيدا للخلاص منه كليا.
الدستور 2018-03-11