الشباب الأردني.. ما بعد الحوار
الشباب الذين طالما سمعوا منا الإطراء تلو الإطراء فوصفناهم بالطموح والعزيمة والريادة والابداع والمبادرة، وألصقنا بهم مسؤولية حماية التراث وبناء المستقبل، يعانون اليوم اشكالا متنوعة من الاهمال والتهميش والاغتراب النفسي والإقصاء ويطمح غالبيتهم بالهجرة. البطالة والفقر ونقص فرص العمل وضعف مستوى المشاركة الفعلية في العمل وصناعة القرار وغياب الافق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي بعض من التحديات التي يواجهها الشباب الاردني ويتطلع الى الخلاص منها.
ما قامت به وزارة الشباب من تنظيم للقاء يجمع الحكومة مع ممثلين عن الجسم الشبابي في الاردن خطوة مهمة وبداية موفقة لوزيرها الديناميكي وطاقم الخبراء والعاملين في الوزارة. المحاولات السابقة التي قام بها العديد من الخبراء والرؤساء والقائمين على القطاع لتطوير العمل مع الشباب والنهوض بواقعهم واجهت الكثير من الصعوبات والتحديات التي أعاقت العمل وأضاعت الفرص وأحبطت الشباب وجعلت الكثير منهم خارج أطر الاهتمام المؤسسي.
الحيرة التي راودتنا في التعامل مع الشباب عبر العقود الماضية انعكست على طبيعة الانظمة والمؤسسات والبرامج التي أُعدت للتعامل مع الشباب والاستجابة لحاجاتهم وتطلعاتهم. فمن مؤسسة لرعاية الشباب في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي الى وزارة متخصصة تنهض بجميع الأدوار والبرامج الى فصل للرياضة عن الانشطة الأخرى تحت مسميات المجلس الأعلى للشباب واللجنة الأولمبية الى هيئة شباب كلنا الاردن ثم العودة الى الوزارة مرة اخرى والغاء وجودها والعودة لها قبل عام ونصف.
ليكتسب اللقاء مصداقية تتجاوز كونه تمرينا جديدا في العلاقات العامة وتوظيف المناسبات التي يكون فيها الجمهور جزءا من الخلفية التجميلية للمشهد الفوتوغرافي، ولكي لا تقتصر اغراض اللقاء على تمرير مواعظ حول الاستهلاك والمواطنة والنجاحات التي يمكن ان تسهم بها الاجراءات والسياسات الحكومية في خفض الدين العام، فان من المتوقع القيام بحزمة اجراءات سريعة ومباشرة وخلال ايام تتناول الرياضة والشباب بحيث تضمن الحكومة توفير ملاعب وبرامج تدريب رياضية في كافة بلدات ومدن وقرى المملكة، واستكمال اعداد وتهيئة الملاعب في المناطق التي لا تتوافر فيها.
كما يمكن للحكومة العمل على ايجاد مجالس شبابية في المحافظات تسهم في صناعة القرار وترصد الكفاءات والخبرات ويجري استشارتها في نوعية البرامج الريادية اللازمة في محيطها وبما يراعي الميزة التنافسية للمناطق.
اللقاء الذي عقد في نهاية الاسبوع الماضي يوفر فرصة لانطلاقة جديدة لعمل الحكومة ووزارة الشباب شريطة ان يلمس الشباب والمجتمع ان هناك اجندة حقيقية مدروسة للقاء ونتائج واستخلاصات يمكن دراستها وتوظيفها وتطبيقا جديا للمقترحات والافكار المتولدة من اللقاء.
الكثير مما قاله المشاركون يشخص الحالة ويحمل في طياته وصفة العلاج؛ فهو يعبر عن واقع الشباب في أرجاء البلاد وجاهزيتهم لإحداث التغيير والمشاركة في دعم برامج الإصلاح. الخطورة في ان يعتقد البعض بأنّ اللقاء كان كافيا وأنْ ليس بالإمكان أفضل مما كان، عندها ستخسر الحكومة ما تبقى لها من رصيد وسيفقد الشباب ثقتهم باللقاءات والبرامج والأقوال والتصريحات التي يدلي بها الساسة وصناع القرار.
إشارة الحكومة بأنها جاهزة لعقد مزيد من الحوارات مع الشباب في أماكن أخرى لا ضرورة له قبل ان تتخذ إجراءات جدية حول ما قيل وتمت مناقشته. فالقول ينبغي ان يرتبط بعمل لا بمزيد من الأقوال حتى لا نقع في فخ السفسطة.
الغد 2018-03-11