ماذا ترك المتنزهون في عجلون؟
يكفيك الآن أن تجوب محافظة عجلون، وتقتفي أثر زوارها الذين غصت بهم يوم الجمعة الماضية، من راجب إلى الزراعة، إلى عنجرة إلى عبين، إلى عرجان وعبلين وراسون ووادي الطواحين ووادي العريس. سيكفيك مرور سريع في واحد من هذه الأماكن؛ لتقدر عدد الجيش الجرار، الذي غزا هذه المحافظة المخلوقة من بيلسان وغيم، وترك لها ما ترك.
قبل أن أنفث وجعي وغضبي سأكون واضحا ومؤلماً. وأقول إن هذه الزيارة، غير المسبوفة لم تجيء إلا على أساس (الفزعة وأخواتها)، فنحن لم نلتفت إلى جماليات عجلون، إلا بعد أن سوقها لنا أخوتنا العرب عبر (فيسبوك). وهذا طبع فينا؛ فنحن لا نقتنع بجمال أشيائنا وقيمتها، إلا إذا قال لنا غريب، إن لنا أشياء جميلة تستحق.
يوم الجمعة غصت عجلون بآلاف السيارات. تحت كل شجرة وفي ظل كل جبل، وتحت كل غيمة كان ثمة متنزهون، وأهلا بهم وسهلا، هي بلدهم، تحبهم كما يحبونها؛ ولكني لن أقول كما يقول كثير من العجلونين بغصة من أن لا فائدة تعود على المنطقة من كل هذه القوافل، فكل سائح يجيء ومعه (فحماته ولحماته وبصلاته وخبزاته)، حتى كأس الماء، لا يشترونها من عجلون.
لكني سأقول: في الأثر المتروك من وراء تلك الغزوة؛ سنرى أطناناً من القمامة، يندى لها الجبين، ويخجل منها الحجر والشجر، ولبشاعتها فقد أبيت أن أبثها على صفحتي على فيسبوك، ولكني هنا أهز قارب أؤلئك الزوار: هل تستحق ابنة الغيم أن نترك لها قمامتنا ونمضي؟.
يعجبني الذين إذا نزلوا في مكان نظفوه؛ قبل المكوث فيه، وحين يغادرونه يحملون قمامتهم معهم، فهي لن تثقل عليهم، حتى أقرب حاوية. نعرف ان هناك تقصيراً من قبل بلديات المحافظة لتوفير حاويات في الأماكن السياحية، ولكن مهما كانت قدرات تلك البلديات، فهل تستطيع أن توفر تحت كل شجرة حاوية. لماذا لم يحمل المتنزهون قمامتهم معهم؟
لماذا نكون حريصين على نظافة الأماكن، حينما نزور بلداً عربيا أو أجنبيا، ولا نترك قمامتنا وراءنا. لو أن كل زائر لعجلون حمل قمامته، وبقايا المشاوي من بصل متروك وبندورة، وعبوات مشروبات غازية.
أناشد الجمعيات البيئية ووزارة السياحة ووزارة التربية والداخلية أن نبث رسائل توعية في ابجديات زيارة غاباتنا ومتنزهاتنا، وأطالب بتنظيم يوم وطني؛ لتنظيف غابات عجلون ودبين وزين من القمامة التي نتركها ثمناً للجمال الذي نناله منها.
ذات مرة رافقتني سائحة نمساوية إلى منطقة في عجلون، وقد بهرتني حينما خلعت نعليها قائلة: هذه الجنة لا ندخلها إلا حفاة. الجنة لا تداس بحذاء.
شكرا مرة أخرى
الدستور 2018-03-26