رائحة من الماضي !!
ما يحدث الان في العالم العربي الذي كان يسمى الوطن العربي ، يتطلب معرفة السبب لابطال العجب، والسبب لم يكن جللا فقط كما يقال، بل هو بيت الداء وجذر البلاء، انه كبسولة نووية من طراز آخر، احتشد بها الاستبداد والاستعباد والجهل والفقر بتحالف شيطاني، بحيث اصبح تفكيك اية ظاهرة او مشهد على الصعيد القومي عملية بالغة التعقيد تستدعي التعاون بين علماء النفس والاجتماع والانثربولوجيا ، اضافة الى اخصائيين في فقه الحكم وأدبيات الزعامة .
والجثة التي لم يجرؤ احد على دفنها تعفنت وتحللت واصبح لها رائحة لا يحجبها حتى الزكام وكل فيروسات الانفلونزا سواء كانت من الدجاج او الخنازير ، واحيانا تفقس بيضة الافعى بعد ان تجد حاضنة مناسبة، وما فقس من بيض الافاعي في جيوبنا ومعاطفنا وشراشف اسرّتنا صال وجال بلا اية مصدات او عوائق .
ويبدو اننا تأقلمنا مع اللدغ المتكرر كما يفعل بعض الهنود مع اطفالهم حين يلقحونهم بالسمّ ضد السم، لكن ما تلقحنا به نحن العرب لم يكن ضد السم بل ضد الاعتراف بالحقائق وبالواقع كما هو وليس كما يظهر لامعا ومتلألئا ومرصّعا بالفسفور ، لهذا كان انكار الواقع ولا يزال احد اهم اسباب تخلفنا في كل شيء باستثناء شيء واحد نتقدم فيه هو السن !
ومن الظواهر التي ندمن انكارها ان للتخلف قوانين نموّ، وانه ليس مجرد ركام غير متجانس لا يقبل الاحصاء كالنفايات، فالسيىء قد يصبح اسوأ والاسوأ يصبح اكثر سوءا ما دامت المتوالية السوداء ماضية نحو نهاياتها غير السعيدة، وما دمنا نكره الطبيب الصادق الذي لم ينكث بقسم ابوقراط لأنه يسمي المرض باسمه ونذهب الى المشعوذين الذين يخدعوننا بعبارات اشبه بالتخدير المؤقت فإن المرض سوف يتفاقم والموعد مع الهلاك محتم ! .
ما يملأ انوفنا واحشاءنا بالغثيان الان هو ما تعفن ولم يدفن منذ زمن طويل!!
الدستور - الأحد - 1/4/2018 .