إرهاب = إرهاب!

تم نشره الإثنين 09 نيسان / أبريل 2018 12:51 صباحاً
إرهاب = إرهاب!
محمد ابو رمان

بالرغم من محاولة الحكومة الأفغانية التستر على المجزرة المروّعة التي قامت بها في مدرسة تحفيظ للقرآن الكريم في ولاية قندوز، إلا أنّ التقارير والقصص الصحفية عن ضحايا القصف لا تدع مجالاً للشك بأنّ عشرات الأطفال الصغار هم من كانوا ضحية هذا القصف.
لم يرفّ جفن المجتمع الدولي ولا المنظمات الإنسانية لما حدث، وكأنّ مجموعة من الصراصير أبيدت فقط! والمفارقة أنّ ما حدث يكاد يكون نسخة مطابقة تماماً لبعض ما جاء في المسلسل الأميركي الشهير أرض الوطن "Homeland"، عندما قصفت الطائرات الأميركية مدرسة للأطفال في شمال العراق، وقتلت العشرات، منهم ابن قائد القاعدة هناك (الاسم الوهمي أبو نذير) انتقاما لتفجير مبنى الاستخبارات الأميركية.
هذا المسلسل، وإن كان يبالغ كثيراً في قدرات القاعدة، ومنحازا لإسرائيل، إلا أنّه لا يخلو من حبكة روائية متماسكة وحوار غني فيما يتعلّق بأسباب الإرهاب وتعريفه، والسؤال الرئيس: من هو الإرهابي؟ ولماذا يصبح إرهابياً؟ والانتقائية والازدواجية في تحديد الإرهابيين وتعريفهم وتصنيفهم!
في السياق نفسه، جاء فيلم "12 Strong"، الذي يحكي قصة جنود من الاستخبارات العسكرية الأميركية انتقلوا فوراً بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 إلى أفغانستان، ليقاتلوا إلى جوار الجنرال رشيد دستم ضد قوات طالبان، للسيطرة على مدينة مزار شريف. الفيلم (المبني على كتاب يحكي قصة قائد الفريق الأميركي هناك)، يقدم دستم بوصفه محارباً قوياً مع الأميركان، لكنّ دستم نفسه عليه تهم عديدة منها الاغتصاب والقتل الجماعي لمئات من أسرى طالبان بعد الحرب الأفغانية 2001، وضعهم في حاويات حتى قتلوا واختنقوا!
أمس، كانت هناك مؤشرات كبيرة على أنّ النظام السوري قصف دوما بالغازات السامّة، بعدما تعثّرت عملية ترحيل جيش الإسلام وعائلاتهم، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من السكان، بينهم أطفال ونساء، وكأنّ شيئاً لم يكن!
قبل ذلك، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجازر مروعة في غزة بحق المدنيين السلميين، الذين انتقلوا في مسيرات العودة، وهو ما تجاهله المجتمع الدولي وانتقدته الدول العربية على خجل، ولولا ضغوط الأردن والفلسطينيين ربما حمّل العرب حماس مسؤولية ما حدث؟!
في سورية من يعرّف الإرهابي؟! وفي العراق؛ لماذا يختلف تعريف ميليشيا عن الأخرى؟ وماذا عن إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين وقتل مئات المسالمين وانتهاك كل حقوق الإنسان؟ وكيف نصنّف ما يقوم به نظام الأسد؟ والأنظمة البوليسية العربية التي تزج المئات بالسجون بلا أدنى اعتبار لحقوق الإنسان؟
موضوع الإرهاب، أولاً وأخيراً، ليس أخلاقياً ولا قانونياً، بل هو سياسي يتم تفصيله بحسب الطلب والحاجة، والرسالة الثانية في مسلسل "Homeland"، أنّ الحرب على الإرهاب تحوّلت إلى ردود فعل متبادلة، إرهاب يولّد إرهاباً آخر، وهكذا، وهنالك ألعاب أمنية واستخباراتية بين الدول والأجهزة البيروقراطية، وداخل المؤسسات الأمنية والعسكرية نفسها.
ما تزال الصفقة الأميركية مع الأنظمة العربية الأتوقراطية قائمة، وهي أحد أسباب ولادة الإرهاب، ومن المحرّكات المهمة التي تستخدمها القاعدة، وفحوى هذه الصفقة باختصار مقايضة القبول بالسلطوية والتغاضي عن موضوع حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية مقابل المصالح الأميركية، والمفارقة أنّ هذه الصفقة هي نفسها التي أنتجت 11 سبتمبر، باعتراف مراكز الدراسات الاستراتيجبة الأميركية غداة تلك الأحداث!
اليوم يأتي الرئيس الحالي ترامب ومعه فريق يمين اليمين ليضع مزيداً من الوقود على النار المشتعلة في المنطقة وليجدد تلك الصفقة التي لن تطفئ الإرهاب بل ستؤججه بمختلف مستوياته وألوانه!

الغد - الاثنين 9/4/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات