لماذا هذا "النزق"؟!

تم نشره الأربعاء 11 نيسان / أبريل 2018 12:52 صباحاً
لماذا هذا "النزق"؟!
محمد ابو رمان

من يرصد ويتابع ردود فعل المسؤولين والوزراء -المعلنة وغير المعلنة- على ما يصدر من آراء معارضة وانتقادات للحكومة أو السياسات الرسمية، يلمس بوضوح حالة من النزق المبالغ فيه، وغير الطبيعي أو المنطقي، وتكاد لا تفهم سبباً وجيهاً له؟!
ما حدث تحت قبة مجلس النواب من قبل نائب رئيس الوزراء يعكس هذه الحالة من النزق، كما نلحظها بوضوح في ردود فعل بعض المسؤولين والوزراء على التغطيات الإعلامية والتقارير والمقالات وعدم احتمال آراء معارضة أو حتى ناقدة، وإن كانت بسقف أقل بكثير مما كان يحدث مع حكومات سابقة، هي الأخرى، بما يشعرك وكأنّ الحكومة مأزومة فعلاً وتفتقد للبصيرة وطول النفس بالتعامل مع الاختلافات الطبيعية في الرأي.
لا يخرج على ذلك، أيضاً، ما قرأناه في بيان المركز الوطني لحقوق الإنسان عما حدث مع معتقلي الحراك من بعض الممارسات غير المعهودة في السياسة الأردنية، حتى إنّ المركز نفسه تعرّض لانتقادات مبطّنة بسبب هذا البيان، وهكذا نجد في كل مجال ضيق نفس وعدم احتمال لأي رأي مخالف أو ناقد ورغبة في عدم وجود أي صوت معارض!
الطريف أنّ حالة النزق هذه انتقلت إلى النواب والسياسيين والأحزاب، حتى في التعامل مع المجتمع والآخرين، وأصبحت السمة الرئيسة في السياسات الأردنية، من دون سبب أو داعٍ حقيقي، إلاّ حالة الخوف غير المبررة والهلع التي تعكس ضعفاً في الأداء السياسي وعدم قدرة على التعاطي مع المجتمع والقوى السياسية والمعارضة وليس العكس!
المفارقة الجليّة هي أنّ السياسة الأردنية تميّزت تاريخياً وتقليدياً بما يناقض حالة النزق الراهنة، وبينما كانت الدول تطلق الرصاص الحيّ وتزج بالمعارضين السلميين في السجون والمعتقلات، وترتكب المذابح، كان رجال الأمن في الأردن يوزعون الماء والعصير، ولعلّ هذه السياسة الحكيمة، التي تتفلسف بعض النخب بانتقادها اليوم، كان لها دور كبير في ترسيم "الدرب الآمن" الذي مضينا عليه بينما من حولنا يغرقون بالدماء والحروب الداخلية وسوء إدارة الأزمات!
تاريخياً، تحمّلت الحكومات سقوفاً مرتفعة من النقد والمعارضة السياسية، ووصلت خطابات ليث شبيلات وتوجان فيصل إلى سقوف غير مسبوقة، وشكّلت ظواهر سياسية حقيقية، وكذلك الحال في بعض خطب قيادات الإخوان المعروفين حينها، وحمل الأردن ذلك وشكّل علامة مسجّلة للحكم في الأردن في تعامله مع المعارضة والنقد وتنوع الآراء وبعد النظر!
كيف يمكن أن نفهم اليوم أنّ نافذين يضيقون ذرعاً، مثلاً، بمعن القطامين وما يقدّمه من نقد دون المستوى الطبيعي للسياسات الاقتصادية، أو أن يصبح بعض النواب بمثابة خصوم للدولة، بالرغم من أنّ خطاباتهم ضمن السقوف العادية والطبيعية؟!
إذا كانت هناك دلالة واضحة على حالة النزق هذه، فهي أنّ الحكومة ضعيفة سياسياً وغير قادرة على إدارة التعامل مع الشارع، ولا تمتلك الدفاع عن سياساتها ومواقفها، وتتجنب مواجهة الآراء المعارضة، لذلك تلجأ إلى الاتهام والتشكيك وردود الفعل الغاضبة تجاه كل معارضة أو نقد، وهذه حالة غير صحية وغير مقبولة، وتكلّف الدولة أثماناً غير ضرورية في العلاقة مع القوى السياسية والشارع!

الغد - الاربعاء 11/4/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات