قمم وسفوح وقيعان !!
تستدعي الكلمات أحيانا ما يناقضها كأن يذكرنا الصغير بالكبير والذكي بالأحمق، وأخيرا كما تذكرنا القمم بالسفوح والقيعان، والأكثر من ثلث مليار عربي معظمهم يعيشون في القيعان والقليل منهم استطاعوا ان يتسلقوا السفوح، ومن يقف على القمة يرى المشهد كله وعلى نحو بانورامي بعكس من يقف في الوادي، لهذا يعقد العرب آمالا على القمم، رغم كل ما اصابهم من يأس واحباط ولفرط ما انتظروا غودو الذي لا يأتي على الاطلاق، وان اتى مرة فلكي يقول بأنه لن يعود !
ما كان بانتظار القمة من ملفات القيعان والسفوح يحتاج الى عشر قمم على الاقل، لأنه ما من متر مربع واحد في عالمنا العربي خارج مدار التوتر والاحتقان، لكن هناك ما انفجر وهناك من ينتظر ! وتزامن انعقاد القمة التاسعة والعشرين مع الذكرى الخامسة عشر لغزو العراق وتفكيك دولته وجيشه ومع ما يجري في غزة التي لا تنام لأنها تسهر على ما تبقى من اطفال وشيوخ ونساء وشجر وماء.
الاسئلة المطروحة على العرب الان وبمختلف المناسبات قد يكون من العسير تقديم اجابات عليها لأنها في حقيقتها مساءلات وطنية واخلاقية، ولو تحول الثلث مليار عربي الى اشارات تعجب واستفهام لكان ذلك من حقهم. فهم احيانا لا يملكون حق السؤال لأن عليهم ان يتعاملوا مع الامر الواقع باعتباره قضاء وقدرا وبالتالي عليهم ان يتأقلموا مع كل طارىء، وذلك من باب البحث عن السّتر في ثقافة تعاملت مع الفقر باعتباره عورة يجب التستر عليها، لهذا يستدين الفقراء كي يتستّروا على فقرهم كما يتستر المريض الجاهل على مرضه بعدم الذهاب الى الطبيب !
المسافة بين القيعان والقمم لا تحصى بأي حاسوب، لكن من استطاعوا تسلق السفوح قرروا ان يمكثوا حيث هم، واصبحوا رغم ادعائهم المكوث اشبه ببندول الساعة يتحركون طوال الوقت بين القمة والقاع، لأنهم يحلمون بالقمم ويخشون من العودة الى القيعان !!
الدستور - الثلاثاء 17/4/2018