كومي إذ يواصل مطاردته لترامب.. ودلالة ذلك
يواصل المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) جيمس كومي، حربه المعلنة ضد الرئيس الأمريكي ترامب، وذلك من خلال الحوارات، فضلا عن مذكراته التي أصدرها للتو في كتاب، وفيها جزء يتعلق بالتجربة الأخيرة مع ترامب.
قبل أيام؛ قال كومي في مقابلة مع تلفزيون «إيه بي سي»: «لا أصدّق تلك القصص التي تقول إن (ترامب) قد يكون غير مؤهل عقليا أو أنه في مراحل مبكرة من الخرف. أعتقد أنه غير مؤهل من الناحية الأخلاقية ليكون رئيسا»، واعتبر أن من الضروري أن «يُجسّد الرئيس الاحترام ويتقيّد بالقيم التي هي جوهر بلادنا والأهمّ بين (هذه القيم) هي الحقيقة. هذا الرئيس غير قادر على فعل ذلك».
وفي سياق الحديث عن التحقيقات في التدخل الروسي في الانتخابات، لم يستبعد أن يكون لدى الروس وثائق لابتزاز ترامب، وهذا اتهام أكثر إثارة بطبيعة الحال.
وفي مقابلة أخرى مع قناة (سي بي أس)، عاد كومي إلى تكرار هجومه واصفا إدارة ترامب للبلاد بأنها أشبه ما تكون بأسلوب زعيم العصابة.
وعندما سأله المذيع عن قوله في الكتاب إن لدى المحيطين بترامب سمة العصابة أو أعضاء المافيا الأمريكية، التي تعرف باسم (كوسا نوسترا)، قال كومي «أسلوب القيادة في الحقيقة مماثل بشكل لافت للنظر»، مضيفا «لا أعني بذلك أن دونالد ترامب يحطم أرجل الناس أو يرهب أصحاب المتاجر، وإنما أعني أنه (عندما) يقود فالأمر يتعلق فقط بالزعيم».
وقال كومي إن ترامب يفتقد في حياته عوامل خارجية مرجعية يجب أن يحظى بها ليكون قائدا أخلاقيا، ومنها الدين أو التاريخ، معتبرا أن بوسعه أن يصبح قائدا أخلاقيا إذا أحاط نفسه بأشخاص يمكن أن يمثلوا هذه العوامل الخارجية المرجعية.
في الأثناء ، تتواصل قصص الفضائح التي تحيط بترامب، لا سيما قصة الممثلة الإباحية التي تطارده، وأخبار جديدة عن ابن غير شرعي، وصولا إلى حديث كومي عن شائعات غير مؤكدة عن علاقات أقامها العام 2013 بمومسات روسيات في موسكو.
والحال أن من الصعب القول إن كل هذه القصص والفضائح، والهجمات العنيفة عليه من قبل مسؤولين سابقين من مختلف المستويات والأصناف يمكن أن تتواصل ما لم يتوفر لها الضوء الأخضر من قبل الدولة العميقة، وبخاصة المؤسسة الأمنية، لا سيما أن الجميع يدرك أن قضايا من هذا النوع تهز هيبة الدولة، حين تتكرر على هذا النحو المثير.
وفيما عاد البعض إلى التشكيك في إمكانية أن يستمر ترامب في ولايته حتى النهاية، فإن من الممكن القول إن ذلك أيضا هو جزء من الضغط الذي تمارسه عليه الدولة العميقة من أجل ترويضه، ودفعه إلى الانسجام مع الخط العام الذي لا ينبغي للرئيس أن يخالفه، ويكون ذلك أكثر أهمية حين يكون رئيسا من خارج السلك السياسي، ولا يدرك تعقيدات المشهد الدولي.
في المقابل، ليس من العسير القول إن ترامب نفسه قد بدأ يدرك ذلك، وهو يتراجع مرة إثر مرة أمام مطالب الدولة العميقة، كما حصل في الضربات الصاروخية على سوريا، وكما حصل في قضية الانسحاب من سوريا، وقبل ذلك وبعده في التهدئة مع أوروبا بعد تصعيد، وذلك لحشدها في المعركة مع روسيا، لكن سؤال بقائه في السلطة لم يخرج من التداول حتى الآن.
ما يعنينا هنا هو أن على العرب الذين يتعاملون مع ترامب أن يدركوا أنه رئيس أرعن من جهة، ومتغطرس من جهة أخرى، ولا ينبغي الخضوع أمام مطالبه على كل صعيد، إن كان في العلاقة المباشرة معهم، وما يفرضه من استحقاقات وابتزاز، أم في الملفات الأكثر حيوية، كما هي الحال في الملف الفلسطيني، وفي السوري أيضا، أما الموقف من إيران، فلا صلة له البتة بهم، بقدر صلته بمطالب الكيان الصهيوني. ؟!
الدستور - السبت 28/4/2018