مناقشة الموازنة العامة
بعـد ماراثون الخطابات التي لم يكن لبعضها علاقة بمنح الثقـة أو حجبهـا عن الحكومة ، وبعد أن تكررت بعض مضامين الخطابات التي ألقيت في البرلمانات السابقة ، يأتي دور مناقشـة الموازنة العامة ، حيت لا يتوقع أن تختلف كثيراً عن مناقشة البيان الوزاري للحكومة.
بهذه المناسبة يجدر التذكير بأن الدسـتور يمنع النواب من المطالبة بأية نفقـات إضافية لم ترد في الموازنة ، وبالتالي فإن تقديـم أية مطالب مناطقية تشـكل مخالفة للدستور ، وجديرة بالشطب من محاضر الجلسات.
الدسـتور يسمح للنواب بالمطالبة بإنقاص النفقات وزيادة الإيرادات ، ومع ذلك فإن أحداً لا يرغب في تلبيـة المهمة التي أناطها الدسـتور بالنواب ، فيطالب مثلاً بتخفيض أحـد بنود النفقات الجارية أو الرأسمالية أو يقترح إيراداً إضافياً.
في برلمان سابق اتخـذ قرار بتخفيض النفقات التشغيلية بنسبة 10% ، وهذه ليست الطريقة الصحيحة ، لأنها تضع مهمة التخفيض الشاقة على كاهل الحكومة ، فعلـى من يطلب التخفيض أن يسمي نفقـات معينة أو يطلب شطب مشاريع محددة.
والواقع أن مناقشة الثقـة والموازنة كان يمكن أن تحدث معاً ، فالموازنة تعبر عن خطة الحكومة أكثر من البيان الوزاري الذي يتناول عموميات تدل على حسن النية ولا تقبل القياس.
يستطيع النواب مثلاً أن يطلبوا خفض النفقات الجارية بحيث لا تزيد عن الإيرادات المحلية ، وهذا مطلب ممكن عملياً وضروري اقتصادياً وسياسياً إذا كان الاعتماد على الذات مطلوباً.
ويسـتطيع النواب أن يدرسوا بنود النفقـات الرأسمالية بالتفصيل ليجيزوا المشاريع الضرورية ويرفضوا ما عداها ، علماً أن بعض المشاريع الواردة في الموازنة الرأسمالية مفروضة على وزارة المالية بناء على وعود لا يعتمد عليها بتدبير التمويل.
وإذا كان لا بد من إدراج بعض المشروعات غير ذات الأولويـة ، ولم تثبت جـدواها بعد كالسكك الحديديـة والمفاعلات الذرية ، فيمكن أن ينص القانون على عدم الصرف من مخصصاتها إلا بقدر ما يرد من منح إضافية مخصصة لها زيادة على مبلغ 300 مليون دينار المدرجة في الموازنة.
تحسـن اللجنة المالية صنعاً إذا اسـتمعت لآراء عدد من وزراء المالية السابقين ذوي التجربة في الإصلاح الاقتصادي مثل باسل جردانه ، وميشيل مارتو ، وسامي قموة.(الرأي)