كلّ عام وأنتم بخير
هو الشهر الأحب على قلوبنا، ففيه نتخلّى عمّا شاب أعمالنا خلال السنة، ونتقرّب إلى الله سبحانه أكثر، ونلتقي الناس الذين لم نجالسهم في الشهور الأخرى، ونجعل الخير عنواناً وحيداً لأفعالنا.
وسوف نلتقي شباباً مثل الورد، يوقفون سياراتهم على جانب الإشارات الضوئية، ويخرجون منها أكياساً مرتّبة تحتوي على حبّات تمر وقارورة مياه، وبعضاً من الطعام، ويضعونها على الرصيف، لمن تأخّروا في الوصول إلى بيوتهم، أو من هم بحاجة لوجبة الإفطار بعيداً عن موائد الرحمن.
وهذا مشهد عمّاني سيتكرّر يومياً قُبيل آذان المغرب بقليل في الكثير من شوارعنا، يشرح النفس، ويحظى بالإعجاب من الجميع، فهذه هي أخلاق رمضان الحقيقية، ومن الواضح أنّه عمل يأتي بمبادرات فردية، ولكنّها منظمة، ولا تنتظر لا كلمة شكر، ولا كلمات عرفان، على أنّنا سنظلّ نشكر كلّ هؤلاء الشباب كلّ يوم، ونتوجّه إليهم بكلمات دافئة تحمل كلّ معاني العرفان.
وستكون موائد الرحمن التي ستملأ أرجاء الأردن جزءاً آخر من الصورة الزاهية، وإليها نضمّ الإعلانات التي ستمتلئ بها الصحف الأردنية خلال رمضان لشراء وجبات متكاملة من القادرين وتوزيعها على المعوزين، وفوق هذا كلّه فنظام الزكاة والفطرة الذي يتوسّع في شهر رمضان يعكس حقيقة التكافل الاجتماعي في بلادنا، ويفسّر أنّه ليس لدينا من يموت من الجوع، مع أنّ نسبة الفقر عندنا تتزايد باستمرار.
شهر رمضان يحمل كلّ هذه الجماليات وأكثر، فلا تعرف فيه اليد اليسرى ماذا قدّمت اليمنى، وحتّى لو قلّت ساعات العمل فإنّ ساعات الروح تزيد، ويبقى أنّه ستخدش هذه الصورة مشاهد السيارات المتزاحمة، والسائقين الفوضويين، وصراخ ما بين إشارة ضوئية وأخرى لا داعي له فاللهم أدم علينا المشهد الأوّل طوال السنة، وابعد عنا الثاني إلى الأبد، وكلّ عام وأنتم بخير.
السبيل - الاربعاء 16/5/2018