أمريكا وفلسفة التأنيث !!
فشلت الولايات المتحدة في تأنيث البيت الابيض رغم ان هيلاري كلينتون كانت قاب قوسين او ادنى من عتباته، وفشل العالم ايضا في تأنيث منصب الامين العام للأمم المتحدة، وبقي هذا المنصب كما هي الحال في الجامعة العربية حكرا على الذكور!
لكن ما نجحت فيه امريكا ترامب مؤخرا هو تأنيث منصب رئيس المخابرات المركزية، بحيث تولته السيدة جينا هاسبل التي اقترن اسمها منذ الحادي عشر من ايلول عام 2001 بالعنف، خصوصا بعد مشاركتها في استجواب متهمين سواء في امريكا ذاتها او تايلاند، ويقال انها بالفعل كما وصفها ترامب في معرض تزكيته لها بالغة القسوة، واشرفت بنفسها على مختلف اشكال الاستجواب وبالتالي التعذيب.
وقد لا يكون هذا الربط بين ترامب والسيدة مفاجئا تماما كما ان الكثير من قراراته كان مضادا للتاريخ، وكأن هذا الرجل جيء به ولا اقول جاء لانجاز حزمة من المواقف منها تأجيل اكثر من نصف قرن.
وقبل فترة اصدر فوكوياما كتابا لا علاقة له بالنظام العالمي الجديد او موت التاريخ، كان محوره دور الانوثة في مستقبل العالم مما يذكرنا بعبارات اشتهرت في خمسينيات القرن الماضي منها ما قاله الشاعر الفرنسي اراغون ان المرأة هي مستقبل الانسان وترامب الذي اختار سيدة توصف الان بالحديدية وهو لقب سبق ان اطلق على تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا، لا يوجد في ملفه الذكوري ما ينبىء عن انحياز للمرأة، واعطائها حقوقا مساوية للرجل، وله تصريحات بها استخفاف بالنساء يصل حدّ الاهانة، وقد استخدمت ضد حملته الانتخابية.
ان تأنيث منصب رئيس المخابرات الامريكية ليس تعبيرا عن الانتصار للمرأة، لأن سيرة السيدة جينا هاسبل تنافس اقسى الذكور واكثرهم توحشا لأن التعذيب بمختلف اشكاله هو اسوأ افراز للقوة الغاشمة في التاريخ، لهذا لو كنت امريكيا لاهديتها كتاب ميشيل فوكو عن تاريخ التعذيب خصوصا الفصل الخاص بتعذيب المسيو دميان حيث كان الاطباء يحرصون على ادامة حياته وحرمانه من الموت الذي يحقق له الخلاص من الالم والانعتاق!!
الدستور - الاحد 20/5/2018