( عن مكافحة الفساد )

تم نشره الأربعاء 05 كانون الثّاني / يناير 2011 03:31 مساءً
( عن مكافحة الفساد )
خلدون المجالي

المدينة نيوز- ثمَّة مؤشرات واضحه باتت يتداولها الاردنيون على مستوى الصحافه الورقيه والالكترونيه وبمجالسهم الخاصه والعامه حول التقصير الواضح لآلية عمل هيئة مكافحة الفساد وتنامي ضاهرة الفساد المؤسسي في ضل التراجع السافر للجهود التي تتبناها الهيئه في مجال مكافحة الفساد , ومع التسليم بالقول بان الصحافه على اختلاف اشكالها وبما تمثله من سلطه رابعه تعتبر الشريك المقبول عالمياً للسلطات الثلاثه والمحرك الاساسي للهيئات المعنيه بالرقابه على المال العام بما تكشفه بين الفتره والاخرى من قضايا دسمه وشبهات فساد , الا ان ردة الفعل المقابل غالباً ما تتسم بالتجاهل والسلبيه وكأن الحديث يدور حول دوله اخرى لا تعنينا من قريب او من بعيد .
اصناف الفساد المنتجه محلياً وبمصانع حكوميه اصبحنا نتعامل معها بلغة العجز والتسليم بقضاء الله وقدره حينما اوصلتنا هيئات المكافحه بانه لا جدوى من الشكوى وتم تجيير مئات القضايا والشبهات بانها لا تعدو كونها اغتيالاً للشخصيه وللاشخاص بنظر الهيئه ,الأمر الذي افقد الاردنيين بمصداقية الهيئات المعنيه بمكافحة الفساد وحفظ المال العام وأسس لثقافه شعبيه دارجه جعلت الصمت سيد الافعال واستقوى بنعيمها الفاسدون الذين لا يأتيهم الحساب من بين ايديهم ولا من خلفهم فكان المشهد الوطني مقسوماً بين اغلبيه شعبيه(مخذوله وصامته) وفاسدون استباحوا المال العام جهاراً أثروا على حساب الفقراء والحراثين من ابناء الوطن.
شهدنا قضايا فساد عديده في السنوات الاخيره جعلت مصداقية الهيئه على المحك وتم تقديم الادله الدامغه بها مع ترقب الشارع للنتائج الا ان الملفات اغلقت على حين غفله بشكلٍ لا يتفق واحكام العقل والقانون وعاد الناطقون باسم الهيئه ليؤكدوا لنا الاستخفاف بعقولنا مرةً أخرى حينما اعتبروا بان الواسطه والمحسوبيه تعتبر اكثر اشكال الفساد انتشاراً وباننا نسير في الاتجاه الصحيح , وتزامن ذلك مع قضية الكازينو التي حملت المال العام مئات الملايين بالشروط الجزائيه لعدم اتمامها وملايين الدنانير للتوصل لصيغة من اجل تجميدها مبدئياً لعيون المستثمر , وبما ان آلية الفساد المتبعه لدينا توجهت ببشاعه نحو المشاريع الناجحه فكان من الطبيعي ان يشمل الفاسدون شركات الوطن الكبرى بعين رعايتهم وابتكار مفاهيم الخصخصه واللصلصه والشفافيه لبيعها بثمنٍ بخس لا يساوي ارباح سنه واحده فكان لهم ما ارادوا وتعاملت الهيئه مع ملف الخصخصه بانه خط احمر لا يجوز الاقتراب منه كوننا من اكثر البلدان بالخطوط الحمراء واكثر البلدان في انتهاكها كلما دعت الحاجه طالما انه لا يوجد اراده وتصميم حقيقي لمحاربة الفساد وتجفيف منابعه , وتوالت الايام علينا عجافاً وسقطت ورقة التوت التي غطت استثمارات الضمان الاجتماعي والاخفاقات الخلاّقه لاصحابها وتم طي الملف مرةً اخرى دون ذكر الملهمين والفاسدين واصحاب القرار ومحاسبتهم على اخفاقاتهم و كرمهم الحاتمي على الاقل بالهدايا الفاخره والاقلام الثمينه التي كانوا يجودون بها على الاصحاب والمقربين وكل ذلك من مال الشعب المستور والصامت , وكانت الصحافه هي السباقه في كشف شبهات الفساد في مشروع سكن كريم ومؤسسة موارد وبيع رخصة التشغيل لاحدى شركات الخلوي بمبلغ خمسة ملايين فقط وتنامي الاسطول الحكومي من السيارات الفاخره الموزعه على موظفي الدوله حتى بلغ تعدادها عشرون الف سياره بنمره حمراء يتحمل الشعب مؤنتها من وقود وصيانه واثمان ولم تتخذ الهيئه الاجراءات الرادعه او حتى ادنى المبادرات من اجل وقف الهدر الفاحش في المال العام في مقابل ذلك لاننا بالاتجاه الصحيح حسب رأيهم !! .
في اتصال هاتفي اجراه معي احد الاشخاص اخبرني بانه قّدم لهيئة مكافحة الفساد الادله الكتابيه الدامغه عن طريق البريد الالكتروني مع اسماء الاشخاص والشهود في قضية فساد وطال عليه الأمد بانتظار النتائج حتى بادر بالاتصال مع احد الاقطاب البارزين في الهيئه للسؤال عن الموضوع الا انه تفاجأ من طلب المسؤول بان يحضر هو بنفسه ليقدم شكوى بعد ثلاثة شهور من مضي الشكوى السابقه حتى يتم تحريك الموضوع من جديد علماً بان قانون الهيئه ينص بالماده السابعه على ان الهيئه هي التي تبدأ في اجراء التحريات اللازمه من تلقاء نفسها عن شبه الفساد او بناءاً على اي اخبار يصلها بذلك وتتولى بنفسها عبء الاثبات الأمر الذي دعاه لترك الموضوع خوفاً من الرجوع عليه بتهمة اغتيال الشخصيه في حال تمكن الفاسدون من نفي التهمه عن انفسهم وذلك لقناعته التامه بالحصانه التي يتمتع بها الفاسدون لدينا .
لم تبادر الهيئه بفتح مكاتب ارتباط تابعه لها في الوزارات والشركات المساهمه العامه والمؤسسات الوطنيه الكبرى والبلديات كجانب وقائي وممارسة التخويف على الاقل للادارات الموصوفه بالفشل والتي تسعى لمأسسة الفساد وتشييد اركانه في الوطن وفضلت الجمود والسلبيه علماً بانها تتمتع بدعم ملكي وشرعيه ودعم شعبي لجعل الاردن انموذجاً في النزاهه والمكاشفه وكل ذلك لقناعتها باننا نسير بالاتجاه الصحيح عربياً وعالمياً .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات