جدلية الرغيف والحرية!!
كان الرغيف اضافة للحرية القاسم المشترك بين شعارات الحراكات العربية على اختلاف سقوفها فهي راوحت بين الاسقاط والاصلاح، وبين مواقف راديكالية تعجيزية معزولة عن الواقع وشروطه وبين رؤى عقلانية مجالها ونطاق حركتها هو الممكن وليس شبه المستحيل، ورغم ان هناك قناعة لدى الجميع بأن الانسان لا يعيش بالخبز وحده فان شعارات الحرية بمعزل عن الحاجات الاساسية للبشر تبقى اقرب الى الفنتازيا، فالرغيف ووردة الحرية توأمان، والجياع لديهم قائمة اولويات قد لا تروق لمن يعانون من التخمة وفائض الرفاهية.
واذا كانت الحراكات العربية قد اختبرت منسوب الوعي لدى مختلف شرائح المجتمع فإن الاختبار العسير كان ولا يزال لمن يطلق عليهم النخب، والنخب في اي زمان ومكان ليست متجانسة، لأن لهما انتماءاتهما وكذلك مصالحهما والفئات التي تنتسب اليها، وما حدث في عالمنا العربي هو ان النخب العاطلة عن دورها الريادي والتاريخي خرجت من القمقم وسارعت لامتطاء الموجات فكانت في معظم الحالات صدى وليس صوتا، لهذا رأينا كيف تنقلب بعض المواقف رأسا على عقب، ويتنكر مثقفون لاطروحاتهم، هذا اضافة الى فقه النفاق او امساك العصا من الوسط، فقد ارادوا ان يكونوا مع الله والناس والقيصر في لحظة واحدة لكنهم فقدوا المشيتين كما حدث للغراب الذي اضاع نعيقه ولم يستطع الهديل !
ان للرغيف موقعه في ثالوث الشعارات الاكثر تداولا في ايامنا وقد ينافس الحرية لأن الجوع يأكل ضحاياه .
الدستور - الاثنين 11/6/2018