يوم بلا موبايل!!
حين التقى الرئيس عبد الناصر الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في القاهرة ودار بينهما حوار شامل حول العديد من القضايا، سأل الفيلسوف الرئيس عن اسباب الازمة الاقتصادية في بلاده، فأجابه الرئيس ان احد اهم اسباب تفاقمها هو التزايد السكاني الذي فشلت عدة محاولات لتحديده،
وعندئذ فوجىء بسارتر يسأله كم قناة تلفزيونية لديكم في مصر؟ فقال له عبد الناصر: قناتان فقط، واقترح عليه سارتر ان تكون هناك خمس قنوات على الاقل، فالستالايت لم يكن معروفا في تلك الايام لكن عبد الناصر استغرب هذا السؤال وما هي علاقته بالزيادة السكانية، فضحك سارتر وقال له عندما يستمر التلفزيون الى الفجر ومن خلال عدة قنوات فان فرص اللقاء البشري تصبح اقل، وما ان يتوقف البث حتى تنصرف العائلة كلها الى النوم وفهم عبد الناصر ما يعنيه سارتر لكن اضافة عدة قنوات بعد ذلك لم تضع حدا للازمة وللتزايد السكاني الذي يتسبب بها.
وقبل عقود طالب مجموعة من علماء النفس والاجتماع الأسر في العالم كله ان تعيش يوما واحدا في الاسبوع بلا تلفزيون كي يعيد الافراد اكتشاف بعضهم، ويجدون ما يفعلونه او يقولونه بمعزل عن الصندوق الثرثار الذي يتحلقون حوله، وقبل اسابيع فقط دعت مؤسسات اجتماعية وتربوية الى ما سمته يوم واحد بلا موبايل، كي يعيد الناس اكتشاف انفسهم والاخرين ايضا، لأنهم بسبب هذا الاختراع الشيطاني تباعدوا واصبح كل واحد يعيش داخل شرنقة ومن المشاهد التي تتكرر في المنازل والمقاهي ودوائر العمل ايضا ان كل اثنين يتحولان الى اربعة، ما دام كل واحد يدير ظهره لمن يجالسه ويواصل الحديث بالهاتف.
ولو جرب الناس هذه الوصفة واستجابوا للاقتراح وخصصوا يوما واحدا من الاسبوع بلا موبايل لاكتشفوا مجددا انهم يعيشون تجربة حي بن يقظان وهم لا يعلمون!!
الدستور - الأحد 1 / 7 / 2018