الأم تيريزا والحاجة عزيزة!!
الأم تيريزا ليست بحاجة الى تعريف، فهي اسطورة القارة الخضراء التي كرست عمرها للمرضى والفقراء ونالت لقب الام بجدارة، لكن الحاجة عزيزة سيدة عربية من حي شعبي في مصر، تقول انها جربت الجوع والبرد في طفولتها، لكنها تجاوزت ذلك، ولم تحقد الا على واحد هو الفقر، لهذا منحت كل ما امتلكت بعصامية نادرة للفقراء، وتطعم يوميا الالاف منهم، وتسعى الى معالجة اعداد كبيرة من المرضى غير القادرين على توفير العلاج، واجتذبت الحاجة عزيزة بمبادرتها الانسانية عددا كبيرا من المتطوعين والمتبرعين بحيث اصبحت مؤسسة ينوء بمهماتها فرد واحد او حتى فريق، انها تعمل ليلا نهارا تحت شعار ضد الجوع وتحظى المرأة بنصيب اوفر من هذا الشعار، لأن الحاجة عزيزة تعرف ان الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها.
وفي مقابلة تلفزيونية قالت انها تسعى ومن معها الى اعلان حرب مقدسة على الفقر، لأنه مصدر الشرور كلها، وفضيلة هذه السيدة انها حولت فقر طفولتها الى انتقام من الفقر لا من الفقراء، وتقول انها تشعر بسعادة لا يعرفها الا من جرّبها، لأنها تحقق التوازن النفسي والاخلاقي وتنام باستغراق وتضيف انها احيانا تتطوع في المستشفيات لغسل الموتى من النساء، وذلك لكي تتأكد كل يوم بأن الحقيقة الوحيدة التي لا خلاف عليها في هذا الكون هي الموت، وان الانسان بحاجة الى ما يذكره بهذه الحقيقة كي لا يكون عبدا لنزعة التملك ويدرك بأنه عابر وفان في هذا الوجود وان ما يتبقى منه خارج القبر هو ما قدمه للاخرين!
إن وجود امرأة من هذا الطراز الفريد في عصر فقد الانسان فيه آدميته واوشكت انيابه ان تستطيل وتتحول اظافره الى مخالب تقطر دما هو بحد ذاته ظاهرة جديرة بالتوقف والتأمل والانحناء!
الأم تريزا والحاجة عزيزة لا تفرق بينهما العقائد، ولا الجغرافيا لأنهما بشر قبل اي شيء وبعد كل شيء!!
الدستور - الاثنين 2/7/2018