طهران- المتوسط!

تم نشره الأربعاء 04 تمّوز / يوليو 2018 12:44 صباحاً
طهران- المتوسط!
محمد ابو رمان

ما تزال عملية المفاوضات بين الروس والمعارضة المسلّحة، في درعا، بين مدّ وجزر. فهنالك انقسامات في صفوف المعارضة، على أكثر من صعيد. في المقابل ما يطلبه الروس منهم أقرب إلى "شيك استسلام" على بياض، من دون وجود ضمانات حقيقية لليوم التالي لإلقاء السلاح!
هل هنالك أفق في المقاومة والإصرار على المواجهة المسلّحة إلى النهاية من قبل المعارضة؟ الجواب: نعم مشروطة، والشروط كبيرة وضخمة، في مواجهة آلة الدمار الروسية والقتل واستراتيجيات الأرض المحروقة، وهي شروط لا تبدو أنّها متوافرة اليوم في درعا، بعدما تمّت عملية الاستلام والتسليم بين الأميركان من جهة والروس من الجهة الثانية، ومع  الخلافات والتباينات في أوساط المعارضة.
الروس يقومون عملياً بقصف عسكري مكثّف لإجبار البلدات على المصالحة (البيانات الأولية تؤكد مقتل 200 مدني في درعا إلى الآن، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان)، وعزل القرى عن بعضها، ثم سياسة الأرض المحروقة، التي استخدمها الروس في حلب، والأميركيون في الموصل؛ أي هدم الحجر على رؤوس البشر، من دون أي تحفّظ أو رادع، أو حتى مجتمع دولي يقول ولو كلمة واحدة، الجميع يغمض عينيه اليوم عن "جرائم الحرب" في درعا، إلى حين اكتمال "المهمة الدموية"!
الأفق الوحيد المتاح، بعدما خرج الداعمون الدوليون والإقليميون من الصورة تماماً، بالنسبة للمعارضة المسلّحة هو "إطالة أمد" القتال، ورفع الكلفة، واستخدام تكتيكات عسكرية مرنة للتعامل مع التفوق التكنولوجي الكاسح، وإبعاد المدنيين عن مناطق القتال، وهو خيار معقّد وصعب، ويتطلب قيادة موحّدة عسكرياً ولها رمزيتها، وهو أمر غير متوافر.
بالنتيجة؛ كلفة إنسانية باهظة وكبيرة، وكلما استمر القتال ارتفع عدد النازحين نحو الحدود الأردنية، إلى أن يصل إلى عشرات الآلاف، وربما مئات الآلاف، فأسلوب القصف الروسي يهدف في الأصل إلى التخويف والترهيب لفرض شروط التسليم.
الروس تخلّوا عن اتفاقية خفض التصعيد عندما أتيحت لهم الفرصة، والأميركيون لم يرمشوا وهم يسلمون درعا، والدول العربية انسحبت تماماً من المشهد، وبقي الإيرانيون والروس وحزب الله الطرف الأقوى والأكثر نفوذاً في الصراع، ليس فقط في درعا، بل في سورية والعراق ولبنان!
أطرف ما في الأمر أنّ دونالد ترامب الذي يبيع العرب قصة مواجهة النفوذ الإيراني قام بتسليم سورية لإيران، ومن دون شروط حقيقية، لأنّه -كما سرّبت جريدة الأخبار اللبنانية (المقربة من طهران) في تقرير مهم أمس- لا يوجد ما يفاوض عليه -أي ترامب- فالمعادلة منتهية في العراق وسورية، والأميركان لا يملكون استراتيجية أخرى في درعا!
إذا كانت العراق وسورية ولبنان تحت النفوذ الإيراني اليوم! فماذا بقي من وعود ترامب لـ"شركائه" العرب في تحجيم هذا النفوذ وابتزاز الأنظمة والحصول على المليارات من الدولارات وبيع الأسلحة الكاسدة، غير الوعود الكاذبة والخادعة!
الروس من يقصفون، وآلتهم العسكرية هي من تحسم المعارك، بينما الجزء الأكبر من الربح الحقيقي على الأرض يذهب إلى طهران، والأهم أنّه بالرغم من كل ادعاءات ترامب، دُشّن عملياً خطّ طهران- المتوسط، الذي وعد ترامب بعدم تحقيقه!

الغد - الثلاثاء 3 / 7/ 2018 

 


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات