درعا مهد الثورة ولحدها

تم نشره الثلاثاء 10 تمّوز / يوليو 2018 12:34 صباحاً
درعا مهد الثورة ولحدها
جميل النمري

باتفاق أول من أمس نؤرخ لنهاية الثورة السورية. وقال مسؤول من المعارضة "من درعا انطلقت الثورة وفي درعا ستنتهي". هي على كل حال ثورة اختطفت مبكرا وتحولت الى حرب أهلية تخوضها ميليشيات أقل أو أكثر طائفية وتطرفا تحظى بتمويل خارجي لا غنى عنه للكلف الباهظة للتسليح والتجهيز والرواتب. وكانت داعش ستجتاحها جميعا تماما كما اجتاحت طالبان الفصائل الأفغانية بدعم من المخابرات الباكستانية، وكان الجيش الحر أول وأكبر الضحايا، وقد تفتت الى ميليشيات تشبه غيرها بينما تضاءلت حصّة الوطنية الحقة إلى أقل حدّ كان للأردن فضل المحافظة عليها وعلى بضع مجموعات في الجنوب ذات ولاء وطني وعشائري شكلت حاجزا من دون داعش والميليشيات المتطرفة.

الثورة انتهت حيث بدأت، لكن لا نقول الشيء نفسه عن الحرب الأهلية، فهناك جيوب لداعش وجيوب إدلب ومناطق لجوء مقاتلي المعارضة، وهناك شرق وشمال الفرات، وهناك أبناء المناطق المنكوبة ونازحو الاحتلال الديموغرافي والانقسامات المتجذرة والجراح الغائرة والأحقاد وتصفية الحسابات. كل شيء ما يزال مفتوحا ويعتمد على قرار النظام المنتصر، هل سيذهب بسورية الى حلول سياسية حكيمة ومصالحة تاريخية؟ أم يبقيها في جحيم الاستبداد الذي يحمي التفرد والطائفية والفساد!

في درعا بدأت الاحتجاجات السلمية والمظاهرات العفوية، وفي درعا انتهى العصيان المسلح وحرب الميليشيات. نحن مختلفون الى درجة لا تصدق حول رواية الأحداث. منذ البداية شكك البعض بالانتفاضة السلمية وبحقيقة خروج مظاهرات وافترضوها دعاية فارغة ضد النظام. ثم شككوا بالقمع الدموي وقنص المتظاهرين بدم بارد والسجون -المسالخ والمفقودين. وشككوا بالانشقاقات الفردية والجماعية في الجيش، وهذا الانقسام العمودي المذهل حول الحقيقة في سورية قصة تحتاج لوقفة خاصّة. والحال أن السلمية لم تعد قابلة للحياة وبدأ تشكيل الجيش الحر، ثم بدأت تظهر الميليشيات المسلحة وبدعم خارجي وظهرت القاعدة-النصرة كأقوى الفصائل، وهنا تنتهي الثورة وتبدأ الكارثة والحرب الأهلية ثم أسوأ من ذلك تظهر داعش في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتتمدد على حساب الجميع، ومن تلك اللحظة بدأ النظام ينتصر سياسيا رغم أن سلطته على الأرض تقلصت الى أقصى حد. وتحول العالم لمحاربة داعش كأولوية وأصبح مشروعا دخول حزب الله والإيرانيين ثم دخل الروس بكل ثقة وعنفوان وبأجندة واضحة مقابل أجندة الغرب والعرب التائهة.

لم يعد هناك ثورة، بل حروب بالوكالة وأجندات ومصالح قذرة بما فيها مصالح الميليشيات المحلية التي تتشكل في الأحياء لجمع الخاوات أو شحدة الدعم الخارجي. وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد انخرط الجميع في التجاوزات والمجازر رغم بقاء الحصة الأكبر للنظام. وفي الحرب الأهلية لا أحد يبقى طاهرا وإن لم يكن بقرار قيادي، فالمقاتلون ينحرفون بسهولة الى الوحشية والانتقام ولم تفلت من ذلك حتى قوات سورية الديمقراطية الأكثر علمانية، وهي بأغلبها من وحدات حماية الشعب الكردي.

منذ البداية السلمية للثورة، كان نفوذ التيار الإسلامي واضحا كما حصل في كل بلدان الربيع العربي، وهكذا كان الحال في تونس البلد الأكثر علمانية، لكن المخاض السلمي الحريص مكن لصيغة مدنية ديمقراطية من الانتصار. ولو انفتح النظام في سورية منذ الفترة الأولى للاحتجاجات على القوى الوطنية الديمقراطية النظيفة ونحن نعرفها بالاسم للتفاهم على مشروع إصلاحي حقيقي لتجنبت سورية كل الويلات اللاحقة والثمن المرعب الذي رأيناه. ولا أدري إذا كان النظام الذي استعاد سلطته الآن سيتعظ وهو لم يفعل حين أوشك على أن يفقدها!

الغد - الاثنين 9/7/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات