أفراد لا يقبلون الجمع!!
لم تعد امثال واقوال مأثورة من طراز لا كرامة لنبي في وطنه ومطربة الحي لا تطرب تكفي لتحلل ظاهرة بالغة التعقيد في حياتنا، قدرة الافراد المتباعدين على تحقيق الذات ونيل الاعتراف بالتفوق في كل مكان يذهبون اليه، ومنهم علماء ومثقفون واكاديميون في مختلف القارات، ومعظم هؤلاء هاجروا من العالم العربي بحثا عن انصار لما يحلمون به من مشاريع علمية، وبعضهم يعترفون بأنهم لو مكثوا في بلدانهم لقضوا اعمارهم في الشكوى وربما في البطالة، والسؤال المسكوت عنه عربيا هو لماذا لا يقبل هؤلاء الافراد الجمع، في عالم عربي تقوم ثقافته السائدة على الطرح والقسمة، وما كتب حتى الان عن هجرة الادمغة والكفاءات العربية بقي في نطاق التشخيصات التقليدية التي تتركز حول الظروف الاقتصادية والبطالة، رغم ان هناك اسبابا سياسية واخرى اجتماعية دفعت هؤلاء الى الفرار الطوعي لأن الواقع العربي بما انتهى اليه من سوريالية قلب المنطق رأسا على عقب، بحيث يعاقب المبدع على ما اقترف من اجتهاد وتفكير بتهمة الخروج عن القطيع، لهذا يعامل بالنبذ كبعير اجرب حتى لا يصيب القافلة بالعدوى، لأن النموذج المطلوب هو الداجن الذي لا يحق له ان يسأل ما دامت الاجابات على كل الاسئلة جاهزة ومعلبة وذات صلاحية لا تنتهي!
إن غياب السياق الذي يمكن لهؤلاء ان يلتئموا فيه ويصبحوا قابلين للجمع، هو السبب، والفرد مهما بلغ من التفوق يبقى اشبه بالعازف المنفرد، ولكي يكون عضوا في اوركسترا لا بد من تناغمه مع الاخرين، وما يقوله حتى الغربيون في مختلف المناسبات هو ان العربي لا ينقصه شيء كفرد ليحقق ذاته ووجوده، ولديهم تجارب في هذا المجال، لكنهم يتساءلون عن سرّ غياب السياق الحضاري الذي يجمع هؤلاء الافراد!!
الدستور - الاثنين 16/7/2018