«الموضوعية».. سؤال الرسوب
بالامس اتصلت بي قناة فضائية فلسطينية محترمة، تريد تعليقا على تصريحات ابو مازن الاخيرة المتعلقة بالكونفدرالية، وتحديدا قوله بأنه يقبل بها بشرط انضمام اسرائيل لها.
مقدم البرنامج، كان يريد مني تقديم موقف يدين ابو مازن، فطريقة سؤاله تحمل اجابة وتوجيهاً، لكن محاولته معي فشلت بسبب اصراري على تحري الموضوعية، او قل بسبب رغبتي بالتعبير عن موقفي الخاص دون تدخل من احد.
قلت له إن ابو مازن حين اشترط انضمام اسرائيل للكونفدرالية التي طرحها كوشنير عليه، انما اراد وضع دولاب في العجلة، فما طرحه يعتبر شرطا معطلا للرغبة الاميركية اليمينية.
هذه قناعتي، يجب ان يحترمها من يسمعها حتى وان اختلف معها، فأنا شخصيا، لا اتفق مع محمود عباس في 99% من ادائه السياسي، لكنه حين اغلق الباب بوجه كوشنير، اتفقت معه، ورحبت به، فانسجمت مع قناعاتي السياسية.
دعونا نعود لمفهوم الموضوعية المتعطل، فتلك معضلة مقيمة في الحياة السياسية للعرب، وعادت لتطرحها بإلحاح إخفاقاتنا المتلاحقة في الآونة الاخيرة.
للأسف النكاية تسيطر على حياتنا، وهذا يجعلنا ابعد ما نكون عن المفاهمة والحوار والنسبية، نعم، نحتاج الى تفهم بعضنا البعض على اقل تقدير في المشتركات الممكنة.
تعاليم الاسلام عالجت الموقف بمنطق حضاري، فقال تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا)، انها لغة اصيلة تفهمية، تهدف الى عدم الانجرار وراء منطق «عنزة ولو طارت».
اوضاعنا المحلية في الاردن، وفي فلسطين، لا تحتمل تعظيم الخلافات والتطرف في فهم المواقف والاحداث، بل نحن احوج ما نكون الى تصميغ مشتركاتنا، حتى نتجاوز الجنون الاهوج للتحديات الضاغطة علينا.
هناك في الكأس فراغ، لكن ايضا يوجد بعض الماء، يزيد وينقص، واجبنا ان لا نهدره، علينا التقاط الايجابي ومحاسبة السلبي دون التصالح معه، وتلك معادلة غير مستحيلة.
عالمنا مشبع بالازمات، واخفاقاتنا متتالية، لذلك لابد من عقلية اكثر انفتاحا، وهنا ارى ان «مفهوم الموضوعية» الراسب مرارا، يحتاج الى تأهيل ومذاكرة حثيثة، عله يخرجنا الى طريق التصالح والتفاهم.
السبيل - الاربعاء 5/8/2018